وكذا إذا وليت نحو : أوّل قولي ، وأوّل كلامي .. فالفتح على أن «قولي» مصدر مضاف إلى فاعله ، وليس بمعنى المقول ، والتقدير : أول قولي أي أقوالي : حمد الله ، فلم يجمع لأن المصدر لا يجمع إلا مع قصد الاختلاف ؛ فيكون قد أخبر بالمصدر عن المصدر ؛ والكسر على أن «قولي» بمعنى «مقولي» أي أول مقولاتي ، فلم يجمع مع أنه بمعنى المفعول ، مراعاة لأصل المصدر ، والمعنى : أول مقولاتي هذا المقول وهذا الكلام وهو : إني أحمد الله ، فيكون قد قال كلاما أوله إني أحمد الله ، ثم أخبر عن ذلك ، كما تقول في أول السورة : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)(١) ، وقال عليه الصلاة والسّلام «أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلّا الله» ؛
ولا يكون قوله : إني أحمد الله ، معمولا للفظة قولي ؛ كيف ، وليس هو بمعنى المصدر بل بمعنى المقول ، فهو كقولك : مضروبي زيد ، فزيد مضروب من حيث المعنى ، وليس معمولا لمضروبي ؛
وقال أبو علي (٢) : قولي مصدر مضاف إلى الفاعل ، و : إني أحمد الله ، بالكسر مفعوله ، وخبر المبتدأ محذوف ، أي : أول قولي ونطقي بهذا الكلام : ثابت ؛
وردّه المصنف أحسن ردّ ، وذلك أن أفعل التفضيل بعض ما يضاف إليه ، فيكون لنطقه بهذا الكلام أجزاء : أول ووسط وآخر ، والجزء الأول باعتبار كلماته الثلاث : تلفظه بلفظ «إني» ، وباعتبار الحروف : تلفظه بهمزة «إني» ، فيكون المعنى : إذا صرّحنا به : تلفظي باني ، أو بهمزة اني : ثابت ، وهو خلف من الكلام ، وغير مقصود به للمتكلم ؛
ويجوز الوجهان بعد «أما» ، فإن فتحت ، فأما بمعنى : حقّا ، تقول : أحقا أنك قائم ، فأن ، فاعل ، أي : أحقّ ذلك حقا ، أو نقول : حقا ، في معنى الظرف ، أي :
__________________
(١) البسملة جزء من الآية ٣٠ في سورة النمل بالاتفاق وفي أوائل السور مختلف فيها ؛
(٢) أي الفارسي وتكرر ذكره ؛