لأن قوله : ولا أنني بالمشي في القيد أخرق ، عطف على : أني تخشعت ، فلو جعلنا قوله : ولا أنا ممن يزدهيه وعيدكم ، جملة اعتراضية ، لكانت «لا» داخلة على معرفة بلا تكرير ، ولا يجوز ذلك إلا عند المبرد ؛
ولو روي : ولا انني بالمشي في القيد ، بالكسر ، لارتفع الاشكال وكان قوله : ولا أنا ممّن يزدهيه ، مستأنفا ، و «لا» مكررة ؛
وحكم «لكنّ» في جواز العطف على محل اسمها : حكم «ان» المكسورة ، خلافا لبعضهم ، قال سيبويه (١) بعد ذكره جواز العطف على محل اسم «إن» بالرفع : لكنّ ، الثقيلة في جميع الكلام بمنزلة «ان» ، يعني في جواز العطف المذكور ، وتفارقها في أن اللام لا تدخل على ما في حيّزها ، دون «إن» ، كما يجيء ؛
وإنما كانت «لكن» مثل «إنّ» ، لأن معنى الابتداء بعدها لم يزل ، لأن الاستدراك في الحقيقة معنى راجع إلى ما قبله ، لا إلى ما بعده ، إذ هو حفظ الكلام السابق ، نفيا كان ، أو إثباتا ، عن أن يدخل فيه الاسم المنتصب بلكنّ ، فقولك ، ما قام زيد لكنّ عمرا قائم ، حفظت فيه عدم القيام عما توهّم من دخول عمرو فيه ، وكذا في : قام زيد ، لكنّ عمرا لم يقم ؛
وأجاز الفراء رفع المعطوف على اسم «كأنّ» ، و «ليت» ، و «لعلّ» أيضا ، لكونه في الأصل مبتدأ ، ومنعه غيره ، لخروجه عن معنى الابتداء ، بما أوردت فيه الحروف من المعاني ؛ وهو الحق ؛
والوصف ، وعطف البيان ، والتوكيد ، كالمنسوق عند الجرميّ ، والزجاج (٢) ، والفراء ،
__________________
= علبة الحارثي ، قالها بعد أن حكم عليه بالقتل قصاصا ، وقد أوردها أبو تمام في الحماسة ، ومنها بيت البلاغة المشهور :
هواي مع الركب اليمانين مصعد |
|
جنيب ، وجثماني بمكة موثق |
(١) هذا بنصه في سيبويه ج ١ ص ٢٨٦ ؛
(٢) تقدم ذكر هؤلاء كثيرا ؛