في جواز الحمل على المحل ، ولم يذكر غيرهم ذلك ، لا منعا ولا إجازة ، والأصل الجواز ، إذ لا فارق ؛
قال الزجاج : قوله تعالى : (عَلَّامُ الْغُيُوبِ) في قوله : (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ ، عَلَّامُ الْغُيُوبِ)(١) ، صفة ربّي ، ويحتمل رفعه وجوها أخر (٢) ؛
ولم يذكروا البدل ، والقياس كونه كسائر التوابع في جواز الرفع ، تقول : إن الزيدين استحسنتهما ، شمائلهما ، بالرفع ، كما جاز ذلك في اسم «لا» التبرئة المشبّهة بإنّ ، نحو : لا غلام رجل في الدار إلا زيد ؛
فلا يحمل على المحلّ ، عند البصريين إلا عند مضيّ الخبر ، فلا يجوز ، عندهم ، أن زيدا وعمرو قائمان ، وأجازه الكسائي ؛
وإنما منعوا من ذلك لأن العامل في خبر المبتدأ عند جمهورهم : الابتداء ، والعامل في خبر «إنّ» : إنّ ، فيكون قائمان خبرا عن زيد وعمرو معا ، فيعمل عاملان مختلفان مستقلان في العمل ، رفعا واحدا فيه ، وذلك لا يجوز ، لأن عامل النحو ، عندهم ، كالمؤثر الحقيقي ، كما ذكرنا في صدر الكتاب (٣) ، والأثر الواحد الذي لا يتجزّأ : لا يصدر عن مؤثرين مستقلّين في التأثير ، كما ذكر في علم الأصول ، لأنه يستغنى بكل واحد منهما عن الآخر ، فيلزم من احتياجه إليهما معا : استغناؤه عنهما معا ؛
ولو فرّق الخبران بالعطف نحو : إن زيدا وهند : قائم وخارجة لم يأت الفساد المذكور ، فيجب جوازه ، ويكون الكلام من باب اللفّ كقوله تعالى : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ)(٤) ،
__________________
(١) الآية ٤٨ سورة سبأ ؛
(٢) مثل أن يكون علّام خبر مبتدأ محذوف أي : هو علّام ؛
(٣) في الكلام على العامل في الجزء الأول ؛
(٤) الآية ٧٣ سورة القصص ؛