فإذا قدّمت الخبر على العطف ، فاما أن تأتي للمعطوف بالخبر ظاهرا نحو : ان زيدا قائم ، وعمرو كذلك ، أو تحذفه وتقدره ، والأكثر الحذف ، نحو : إن زيدا قائم وعمرو ، ولا يجوز أن يكون هذا من باب عطف المفرد ، لأن «قائم» لا يكون خبرا عن الاسمين ؛
وإنما أجاز الكسائي نحو : إن زيدا وعمرو قائمان ، لأن العامل عنده في خبر «إن» : ما كان عاملا في خبر المبتدأ ، لأن «إنّ» وأخواتها ، لا تعمل عند الكوفيين في الخبر ، فالعامل في خبر «ان» اسمها ، لأن المبتدأ والخبر يترافعان عنده ، فلا يلزم صدور أثر عن مؤثرين ؛
والفراء ، توسّط مذهبي سيبويه والكسائي ، فلم يمنع رفع المعطوف مطلقا ، ولم يجوّزه مطلقا ، بل فصّل وقال : إن خفي إعراب الاسم بكونه مبنيا ، أو معربا مقدّر الإعراب : جاز الحمل على المحل قبل مضي الخبر نحو : انك وزيد قائمان ، وان الفتى وعمرو قاعدان ، وإلّا ، فلا ، لأنه لا ينكر في الظاهر ، كما أنكر مع ظهور الإعراب في المعطوف ، وذلك لأنّ خبرا واحدا عن مختلفين ظاهري الإعراب مستبدع ، ولا كذلك إذا خفي إعراب المتبوع ؛ ولا يلزمه ، أيضا ، توارد المستقلّين على أثر واحد لأن مذهبه في ارتفاع خبر «إن» : مذهب الكسائي ؛
وأمّا قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا مَنْ آمَنَ ...)(١) ، فعلى أنّ الواو في «والصابئون» ، اعتراضية لا للعطف ، وهو مبتدأ محذوف الخبر ، أي : والصابئون كذلك ، لسدّ خبر «إن» مسدّه ودلالته عليه ، كما في : يا تيم تيم عديّ (٢) ، على مذهب المبرد ، ومنه قوله :
٨٣٩ ـ فمن يك أمسى بالمدينة رحله |
|
فإني وقيار بها لغريب (٣) |
__________________
(١) الآية ٦٩ سورة المائدة ؛
(٢) إشارة إلى الشاهد المتقدم في باب النداء من الجزء الأول ؛
(٣) البيت لضابئ البرجمي ، وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه قد حبسه ، وقيّار اسم فرسه ، والبيت في سيبويه ج ١ ص ٣٨ ؛