واعلم أن من العرب من يقول : لهنّك لرجل صدق ، قال :
٨٤٦ ـ أبائنة حبّي ، نعم وتماضر |
|
لهنّا لمقضيّ علينا التهاجر (١) |
وقال :
٨٤٧ ـ لهنّي لأشقى الناس إن كنت غارما |
|
لدومة بكرا ضيّعته الأراقم (٢) |
وقد تحذف اللام وهو قليل ، كقوله :
٨٤٨ ـ ألا ياسنا برق على قلل الحمى |
|
لهنّك من برق عليّ كريم (٣) |
وفيه (٤) ثلاثة مذاهب : أحدها لسيبويه (٥) ، وهو أن الهاء بدل من همزة «ان» ، كايّاك وهيّاك ؛ فلما غيّرت صورة «إن» بقلب همزتها هاء ، جاز مجامعة اللام إياها بعد الامتناع ؛
والثاني قول الفراء ، وهو أن أصله : والله إنك ، كما روي عن أبي أدهم الكلابي : له ربّي لا أقول ذلك ، بقصر اللام ثم حذف حرف الجر ، كما يقال : الله لأفعلنّ ، وحذف لام التعريف ، أيضا ، كما يقال : لاه أبوك ، ثم حذف ألف «فعال» (٦) ، كما يحذف من الممدود إذا قصر ، كما يقال : الحصاد ، والحصد ، قال :
__________________
(١) حبىّ بضم الحاء والألف المقصورة من أسماء النساء ، وكذلك : تماضر ، والتهاجر : أن يهجر كل واحد صاحبه ، وقد أورد البغدادي هذا الشاهد مرويّا عن أبي علي الفارسي ، وقد أورد له نظائر وشرحها. ثم قال : لم أر هذا البيت مرويا عن غير الفارسي ولا أعرف قائله ؛
(٢) البيت بهذه الصورة وهذا العجز ، مروي أيضا عن الفارسي ، ولم يذكر البغدادي شيئا عنه أكثر من ذلك ثم شرح وجه الشاهد فيه وبيّن المراد بالأراقم وأنها ستة أحياء من العرب. ثم ذكر صدر هذا البيت مختوما بشطرين آخرين : أحدهما في شعر خداش بن زهير ، والثاني في شعر : تليد الضبيّ ، وأورد شيئا من شعر كل منهما ؛
(٣) لم ينسبه البغدادي ولا أحد ممن ذكره غير أنه مروي عن ثعلب والمبرد ، ورواه ابن جني وجاء في سند روايته اسم محمد بن يزيد بن سلمة ، فنسبه بعضهم إلى محمد بن سلمة وأخذ بذلك العيني في الشواهد الكبرى وهو من أبيات جميلة المعنى منسوبة لأحد أسرى بني تميم ؛
(٤) أي في الجمع بين إنّ واللام ؛
(٥) في سيبويه ج ١ ص ٤٧٤ وبهامشها تلخيص للأقوال الثلاثة منقول عن السيرافي ؛
(٦) أي الألف في : إله ، لأنه على وزن فعال ؛