فإذا كثر ذلك مع حرف الجر ، أعني «إلى» فحذفه مع فاء العطف التي هي بمعناه : أولى ، بل هو واجب لامتناع اجتماع حرفي عطف ؛
ويجوز أن يكون المعنى : قفا نبك بين منازل الدّخول فمنازل حومل ، فمنازل توضح فمنازل المقراة ؛ وكذا في غير هذا الموضع ؛
وأما قوله :
٨٧٤ ـ يا دارمية بالعلياء فالسند |
|
أقوت وطال عليها سالف الأمد (١) |
فالفاء فيه لإفادة الترتيب في الذكر ، لأنه يذكر في تعريف الأمكنة : الأخصّ بعد الأعم ، فكأنّ العلياء موضع وسيع ، تشتمل على مواضع منها السّند ؛ فهو كقولك : داري ببغداد فالكرخ ؛
فإذا نفيت ، مثلا ، قولك : جاءني زيد فعمرو ، فقلت : ما جاءني زيد فعمرو ، فأنت ناف لتعقيب مجيء عمرو لمجيء زيد ، فيمكن أن يحصل المجيئان في حالة ، وأن يحصل مجيء عمرو قبل مجيء زيد ؛
هذا الذي ذكرنا كله ، حكم فاء العطف ؛
والتي لغير العطف ، أيضا ، لا تخلو من معنى الترتيب ، وهي التي تسمّى فاء السببيّة ، وتختص بالجمل ، وتدخل على ما هو جزاء ، مع تقدم كلمة الشرط نحو : إن لقيته فأكرمه ، ومن جاءك فأعطه ، وبدونها ، نحو : زيد فاضل فأكرمه ، وتعريفه (٢) بأن يصلح تقدير «إذا» الشرطية قبل الفاء ، وجعل مضمون الكلام السابق شرطها ، فالمعنى في مثالنا : إذا كان كذا ، فأكرمه ، وهو كثير في القرآن المجيد ، وغيره ، قال تعالى : (أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما ، فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ)(٣) ؛ وقال تعالى : «قالَ أَنَا
__________________
(١) مطلع قصيدة النابغة الذبياني التي تعد إحدى المعلقات في رأي بعض العلماء ؛
(٢) أي الضابط الذي يمكن معرفته به ؛
(٣) الآية ١٠ سورة ص ؛