في قوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ)(١) ، وقوله : (أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ)(٢) ، وفيها مع معنى «بل» معنى الهمزة الاستفهاميّة في نحو : انها لإبل ، أم شاء ، والهمزة الإنكارية في نحو : «أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ» ؛
وقد تجيء بمعنى «بل» وحدها ، كقوله تعالى : (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ)(٣) ، إذ لا معنى للاستفهام ههنا ؛ وكذا إذا جاءت بعدها أداة الاستفهام كقوله تعالى : (أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ)(٤) وقوله تعالى : (أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ)(٥) ، وقوله :
٨٩٢ ـ أم كيف ينفع ما تعطى العلوق به |
|
رئمان أنف ، إذا ما ضنّ باللبن (٦) |
فهي في مثله بمعنى «بل» وحدها ، والمقصود أن الكلام معها على كلامين ، دون المتصلة ، ولهذا سمّيت منقطعة ، وسمّيت الأولى متصلة ، لكونهما مع الهمزة التي قبلها ، كأيّ ،
وجواب المنقطعة : لا ، أو : نعم ، لأنه استفهام مستأنف ؛
وثالثها (٧) : أنه يليها المفرد والجملة ، بخلاف المنقطعة ، فإنه لا يليها إلا الجملة ظاهرة
__________________
(١) الآية ٣ سورة السجدة ، ويوجد مثلها في مواضع أخرى ؛
(٢) الآية ١٦ سورة الزخرف ؛
(٣) الآية ٥٢ سورة الزخرف ؛
(٤) الآية ١٦ سورة الرعد ؛
(٥) الآية ٢٠ سورة الملك ؛
(٦) هذا آخر تسعة أبيات في المفضليات ، من شعر أفنون التغلبي واسمه أبو عمرو ، وهو شاعر جاهلي ؛ وقبل هذا البيت :
أنّى جزوا عامرا سوآى بفعلهم |
|
أم كيف يجزونني السوآى من الحسن |
يقول : أعجب من قومي ، كيف يعاملونني بالسوء في مقابلة ما أصنع معهم من الجميل ، ثم ضرب لهم مثلا في البيت الشاهد بالناقة العلوق وهي التي ترأم وتعطف بأنفهما من غير أن تدرّ اللبن ، وفي الخزانة كلام كثير عن معنى البيتين وأوجه الإعراب التي يمكن التخريج عليها ، وفيها حكاية عن مناظرة جرت بين الكسائي والأصمعي في إعراب قوله رئمان أنف ، حيث جوّز الكسائي فيه الرفع والنصب والجر ؛
(٧) أي الأمور التي اختصت بها أم ؛