القدرة على المفردين ، دليل الانفصال ؛
وأمّا في الفعليتين المشتركتين في الفاعل ، فلا تقدر على الاكتفاء بمفردين منهما ، لأن كل فعل لا بدّ له من فاعل ؛
وأمّا إن جئت بعدهما بجملتين غير مشتركتين في جزء ، نحو : أزيد قائم ، أم عمرو قاعد ، و : أقائم زيد أم قاعد عمرو ، و : أقام زيد أم قعد عمرو ، وكذا : أضرب زيد عمرا أم قتله خالد ، لأن المشترك فيه فضلة لا جزء جملة ؛ فالمتأخرون على أنها منفصلة ، لا غير ؛ والمصنف والأندلسيّ ، جوّزا الأمرين ، فإن كانت متصلة فالمعنى : أيّ هذين الأمرين كان ؛
وليس ما ذهبا إليه ببعيد ، بلى ، إن وقع الاختلاف بين الجملتين : إمّا بكون إحداهما اسمية والأخرى فعلية ، نحو : أقام زيد أم عمرو قاعد ، أو بتقديم خبر إحدى الاسميتين وتأخير خبر الأخرى نحو : أقائم زيد ، أم عمرو قاعد ، و : أبكر قائم ، أم قائم عمرو ، فالظاهر فيها الانفصال ؛
أمّا قوله تعالى : (سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ)(١) ، فجاز اختلاف الجملتين مع أنها متصلة لأمنهم من الالتباس بالمنقطعة ، لأن التسوية لا معنى فيها للمنفصلة ، فعلى هذا ، إن كان بعد «أم» مفرد لفظا ، وتقديرا ، فهي متصلة قولا واحدا ، وقبلها الهمزة في الأغلب لفظا أو تقديرا ؛ وإن كان بعدها جملة فإن لم يكن قبلها الهمزة لا ظاهرة ولا مقدرة فهي منقطعة قولا واحدا ، إلا في الشاذ القليل ، نحو : هل زيد قائم أم عمرو ؛ وإن كان قبلها الهمزة ميّزت المتصلة عن المنفصلة بما ذكرت لك الآن ؛
وقال سيبويه (٢) : «أم» في قولك : أزيد عندك أم لا : منقطعة ، كان عند السائل أنّ زيدا عنده فاستفهم ثم أدركه مثل ذلك ، الظن في أنه ليس عنده فقال : أم لا ؛ وإنما
__________________
(١) الآية ١٩٣ سورة الأعراف ؛
(٢) سيبويه ج ١ ص ٤٨٤ ؛