وقد جاءت «أما» بمعنى «حقّا» فتفتح «أنّ» بعدها كما مرّ في باب «انّ» ، وأمّا «أما» و «ألا» للعرض ، فهما حرفان يختصان بالفعل ولا شك في كونهما ، إذن ، مركبين من همزة الإنكار وحرف النفي ، وليستا كحرفي الاستفتاح ، لأنهما بعد التركيب تدخلان على الجملتين : الاسمية والفعلية بلا خلاف ، واللتان للعرض تختصان بالفعلية على الصحيح ، كما قال الأندلسيّ ؛
وأجاز المصنف دخولهما على الاسمية أيضا ، كما مرّ في باب «لا» التبرئة ؛
وأمّا «ها» فتدخل ، من جميع المفردات ، على أسماء الإشارة كثيرا ، لما ذكرنا في بابها ؛ ويفصل كثيرا ، بين أسماء الإشارة وبينها ، إمّا بالقسم نحو : ها الله ذا ، وقوله :
تعلّمن ، ها ، لعمر الله ، ذا قسما |
|
فاقصد بذرعك وانظر أين تنسلك (١) ـ ٤٠٠ |
وإمّا بالضمير المرفوع المنفصل ، نحو : (ها أَنْتُمْ أُولاءِ)(٢) وبغيرهما قليلا ، نحو قوله :
ها إن تا عذرة إن لم تكن نفعت |
|
فإن صاحبها قد تاه في البلد (٣) ـ ٤٠١ |
وقوله :
ونحن اقتسمنا المال نصفين بيننا |
|
فقلت لهم هذا لها ، ها وذاليا (٤) ـ ٤٠٢ |
أي : وهذا ليا ؛
ومذهب الخليل (٥) أن «ها» المقدمة في جميع ذلك ، كانت متصلة باسم الإشارة ؛ أي كان القياس : الله هذا ، ولعمرك هذا قسما ، وانتم هؤلاء ، وإن هاتا عذرة ؛ والدليل على أنه فصل حرف التنبيه عن اسم الإشارة ما حكى أبو الخطاب (٦) عمّن يوثق به : هذا
__________________
(١) تقدم ذكره في باب اسم الإشارة ، آخر الجزء الثاني ؛
(٢) الآية ١١٩ سورة آل عمران ؛
(٣) تقدم ذكره في الموضع المذكور قبله ؛
(٤) وهذا أيضا ، والأبيات الثلاثة متوالية هناك كما هي هنا ؛
(٥) انظر سيبويه : ج ١ ص ٣٧٩ ؛
(٦) الأخفش الأكبر ، شيخ سيبويه ، وتقدم له ذكر ؛