ما لم تلقني ومعناهما الاستقبال ، كما مرّ في باب الماضي ، ويقل كونها فعلا مضارعا ؛
وصلة «ما» المصدرية ، لا تكون ، عند سيبويه ، إلا فعلية ، وجوّز غيره أن تكون اسمية ، أيضا ، وهو الحقّ ، وإن كان ذلك قليلا ، كما في نهج البلاغة : «بقوا في الدنيا ، ما الدنيا باقية» ؛ وقال الشاعر :
٩٠٥ ـ أعلاقة أمّ الوليّد بعد ما |
|
أفنان رأسك كالثغام المخلس (١) |
وأجاز ابن جني ، كون صلتها جارّا ومجرورا ، فيجوز على مذهبه : ما خلا زيد وما عدا زيد ، بالجر ، و «ما» مصدرية ؛
وأمّا «أن» المصدرية ، فلا تدخل إلا على الفعل المتصرف ، وهو إمّا ماض ، كقوله تعالى : (لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا)(٢) ، أو مضارع ، ولها فيه خاصة ، تأثيران آخران : نصبه وتخصيصه بالاستقبال ؛ أو ، أمر أو نهي ، على مذهب سيبويه ، كما مرّ ؛
وتميم ، وأسد ، يقلبون همزتها عينا ، وينشدون :
أعن ترسّمت من خرقاء منزلة |
|
ماء الصبابة من عينيك مسجوم (٣) ـ ٨٣٥ |
وأمّا «أنّ» المشدّدة ، فتوصل بمعموليها إذا كانت عاملة ، وإذا كفّت ، فبالجملة الاسمية أو الفعلية ؛
ومن الحروف المصدرية «كي» ، إذا دخلتها لام التعليل ؛ ، نحو : لكي تخرج ، وهي بمعنى «أن» وتختص بالمضارع ، وقد ذكرنا الخلاف فيها ، في نواصب الفعل المضارع (٤) ، فمن حتم كونها حرف جرّ ، لم يجعلها في مثالنا مصدرية ، بل قدّر «أن» بعدها ؛
__________________
(١) أمّ الوليد تصغير وليد ، ورواه بعضهم بدون تصغير وهو بالتصغير أقوى في وزن البيت والثغام نبت تبرز منه خيوط طوال دقاق ، والمخلس الذي اختلط بياضه بالسواد ، فإذا صار أبيض كله ، قيل ممحل فيكون أشبه بالشيب والبيت للمرّار الفقعسيّ ؛
(٢) الآية ٨٢ سورة القصص ؛
(٣) تقدم في هذا الجزء ص ٣٤٨ ؛
(٤) انظر ص ٤٨ وما بعدها في هذا الجزء ؛