ففيه ، إذن ، ثلاثة معان مجتمعة : التحقيق ، والتوقع والتقريب ، وقد يكون مع التحقيق : التقريب فقط ، ويجوز أن تقول : قد ركب ، لمن لم يكن يتوقع ركوبه ؛
ولا تدخل على الماضي غير المتصرّف ، كنعم وبئس وعسى وليس ، لأنها ليست بمعنى الماضي حتى تقرّب معناها من الحال ؛
وتدخل ، أيضا ، على المضارع المجرد من ناصب وجازم وحرف تنفيس ، فينضاف إلى التحقيق في الأغلب : التقليل ، نحو : ان الكذوب قد يصدق ، أي ، بالحقيقة يصدر منه الصدق ، وإن كان قليلا ، وقد تستعمل للتحقيق مجرّدا عن معنى التقليل ، نحو : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ)(١) ، وتستعمل ، أيضا ، للتكثير في موضع التمدّح ، كما ذكرنا في «ربّما» قال تعالى : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ)(٢) ، وقال :
٩٠٨ ـ قد أترك القرن مصفرّا أنامله |
|
كأن أثوابه مجّت بفرصاد (٣) |
ولا تفصل من الفعل ، إلا بالقسم ، نحو : قد والله لقوا الله (٤) ، وقد ، لعمري ، قال كذا ؛ وقد يغني عن الفعل دليل فيحذف بعدها ، قال :
أزف الترحل غير أن ركابنا |
|
لما تزل برحالنا وكأن قد (٥) ـ ٥١٣ |
__________________
(١) الآية ١٤٤ سورة البقرة ؛
(٢) الآية ١٨ سورة الأحزاب ؛
(٣) من قصيدة لعبيد بن الأبرص ، واصفرار الأنامل كناية عن الموت اي أقتله فينزف دمه ، فتصفر انامله ، والفرصاد ثمر التوت شبه به الدم الذي ينزف من القتيل ؛
(٤) تقدم ذكره
(٥) تقدم ذكره في أكثر من موضع. وانظر فهرس الشواهد ؛