هذا وضعهما ، كما مرّ في الظروف المبنية ، ومرّ فيها طرف من أحوالهما (١) ؛
ومذهب الفراء : أن «لو» تستعمل في المستقبل ، كإن ، وذلك مع قلّته ، ثابت لا ينكر ، نحو : اطلبوا العلم ولو بالصين ؛
ثم ان النحاة قالوا : ان «لو» لامتناع الثاني لامتناع الأول ، وقال المصنف : بل هي لامتناع الأول لامتناع الثاني ، قال : وذلك لأن الأول سبب والثاني مسبّب ، والمسبّب قد يكون أعمّ من السبب ، كالإشراق ، الحاصل من النار ، والشمس ، قال : فالأولى أن يقال : لانتفاء الأول لانتفاء الثاني ، لأن انتفاء المسبّب يدل على انتفاء كل سبب ؛
وفيما قال نظر (٢) ؛ لأن الشرط عندهم ملزوم ، والجزاء لازم ، سواء كان الشرط سببا كما في قولك : لو كانت الشمس طالعة لكان النهار موجودا ، أو شرطا ، كما في قولك : لو كان لي مال لحججت ، أو ، لا شرطا ولا سببا ، كقولك : لو كان زيد أبي لكنت ابنه ، ولو كان النهار موجودا لكانت الشمس طالعة ؛
والصحيح أن يقال كما قال المصنف : هي موضوعة لامتناع الأول لامتناع الثاني ، أي أن امتناع الثاني دلّ على امتناع الأول ، لكن لا للعلة التي ذكرها ، بل لأن «لو» موضوعة ليكون جزاؤها مقدّر الوجود في الماضي ، والمقدر وجوده في الماضي يكون ممتنعا فيه ، فيمتنع الشرط الذي هو ملزوم ، لأجل امتناع لازمه ، أي الجزاء ، لأن الملزوم ينتفي بانتفاء لازمه ؛
وقد يجيء جواب «لو» قليلا ، لازم الوجود في جميع الأزمنة في قصد المتكلم ، وآية ذلك أن يكون الشرط مما يستبعد استلزامه لذلك الجزاء ، بل يكون نقيض ذلك الشرط أنسب ، وأليق باستلزام ذلك الجزاء ، فيلزم استمرار وجود ذلك الجزاء على كل تقدير ، لأنك تحكم في الظاهر أنه لازم للشرط الذي نقيضه أولى باستلزام ذلك الجزاء ، فيكون ذلك الجزاء لازما لذلك الشرط ولنقيضه ، فيلزم وجوده أبدا ، إذ النقيضان لا يرتفعان ؛
__________________
(١) في الجزء الثالث من هذا الشرح ؛
(٢) النظر الذي نقد به الرضي كلام ابن الحاجب ، يرجع إلى التعليل الذي قاله ابن الحاجب ، ولكنه يوافقه على ما قال من معنى لو ؛