تقدير الفعل بعد «لو» التي تليها «أنّ» ؛ وقال السيرافي : ان الذي عندي : أنه لا يحتاج إلى تقدير الفعل ، ولكن «أنّ» تقع نائبة عن الفعل الذي يجب وقوعه بعد «لو» ، لأن خبر «أنّ» ، إذن ، فعل ، ينوب لفظه عن الفعل بعد «لو» ، فإذا قلت : لو أنّ زيدا جاءني ، فكأنك قلت : لو جاءني زيد ؛
قوله : «انطلقت موضع منطلق» ، يعني أنّ «أنّ» إذا وقعت بعد «لو» المحذوف شرطها ، فخبرها إن كان مشتقا وجب أن يكون فعلا ، لأن الفعل المقدر ، لا بدّ له من مفسّر ، و «أنّ» لكونها دالة على معنى التحقيق والثبوت : تدل على معنى «ثبت» ، فلزم أن يكون خبر «أن» فعلا ماضيا ، لا اسم فاعل ، ليكون كالعوض من لفظ الفعل المفسّر ، وأمّا المعنى فقد ذكرنا أن «أنّ» دلت عليه ؛
وإن لم يكن مشتقا ، جاز ، للتعذر ، كقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ ..)(١) ، وأمّا قوله تعالى : (يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ)(٢) ، فلأن «لو» بمعنى «أن» المصدرية ، وليست بشرطية ، لمجيئها بعد فعل دال على التمني ؛
ومنهم من لا يشترط مجيء الفعل في خبر «أنّ» الواقعة بعد «لو» ، وإن كان مشتقا ، أيضا ، كما ذهب إليه ابن مالك ، قال الأسود بن يعفر :
٩١٥ ـ هما خيياني كل يوم غنيمة |
|
وأهلكتهم لو أن ذلك نافع (٣) |
وقال كعب :
__________________
(١) الآية السابقة من سورة لقمان ؛
(٢) الآية ٢٠ سورة الأحزاب ؛
(٣) في قصة طويلة ذكرها البغدادي في الخزانة ، أن الجراح بن الأسود بن يعفر اغتصب فرسا اسمها العصماء ، وعاد بها إلى أبيه وتكفل رجلان بإعادتها إليه ، وهما حرير بن شمر ، ورافع بن صهيب ، واحتالا على الأسود وأخذا منه الفرس وهما المقصودان في قوله : هما خيباني والضمير يرجع إليهما في بيت قبله ، ومعنى خيّباني أصاباني بالخيبة وضياع ما كنت أرجو من الاستيلاء على هذه الفرس ، وقوله : أهلكتهم ، أي هجوتهم قال البغدادي : معناه أهلكتهم بالهجاء ، ثم عقب على ذلك بقوله إن المعنى يجعل قوله لو أن ذلك نافع ، من قبيل لو الدالة على التمني فيخرج عما أورده الشارح له ؛