قوله : «إذا لم يعتمد ما بعدها على ما قبلها» ، يعني بالاعتماد : أن يكون ما بعدها من تمام ما قبلها ، وذلك في ثلاثة مواضع :
الأول : أن يكون ما بعدها خبرا لما قبلها ، نحو : أنا إذن أكرمك ، وإني إذن أكرمك ؛ وقد جاء منصوبا مع كونه خبرا عما قبلها ، قال :
٦٣٤ ـ لا تتركنّي فيهم شطيرا |
|
إني إذن أهلك أو أطيرا (١) |
بتأويل أنّ الخبر هو : إذن أهلك ، لا : «أهلك» وحده ، فتكون «إذن» مصدرة ، كما تقول : زيد لن يقوم.
قال الأندلسيّ (٢) : يجوز أن يكون خبر «إنّ» محذوفا ، أي : إني أذلّ (٣) ، أو : لا أحتمل ، ثم ابتدأ وقال : إذن أهلك ، قال : والوجه رفع أهلك ، وجعل «أو» بمعنى «إلّا» (٤).
الموضع الثاني : أن يكون جزاء للشرط الذي قبل «إذن» ، نحو : إن تأتني إذن أكرمك ؛ وقول الشاعر :
٦٣٥ ـ ازجر حمارك لا يرتع بروضتنا |
|
إذن يردّ وقيد العير مكروب (٥) |
يجوز (٦) ، على مذهب الكسائي (٧) : أن يكون «لا يرتع» مجزوما بكون «لا»
__________________
(١) استشهد به كثير من النحاة على إعمال إذن من غير أن تتصدر ، فقيل انه شاذ ، وتأوله بعضهم بما يخرجه عن بأوجه منها ما قاله الشارح ، وقد استقصى البغدادي كل ما قيل في البيت من تأويلات ومع ذلك لا يعرف قائله ؛
(٢) أبو محمد. القاسم من علماء القرن السابع ونقل عنه الرضي كثيرا وهو من معاصريه ؛
(٣) أي أصير ذليلا.
(٤) وذلك ليصح نصب الفعل «أطيرا» بعد أن يرفع ما قبله ؛
(٥) من شواهد سيبويه ج ١ ص ٤١١ ، ويروى : اردد ، وقائله : عبد الله بن عنمة الضبي ، شاعر إسلامي ، وهو من أبيات وردت في المفضليات وفي حماسة أبي تمام ؛
(٦) خبر عن قوله : وقول الشاعر : الخ.
(٧) مذهب الكسائي في هذا أنه لا يشترط لصحة الجزم في جواب النهي بقاء «لا» مع تقدير أن. بل يقدر بحسب المعنى.