يا حرسيّ : اضربا عنقه (١) ، أي : اضرب اضرب ، وقوله تعالى : (رَبِّ ارْجِعُونِ)(٢) ، أي : أرجعني ، أرجعني ، ارجعني (٣) ؛
وهذه التاء ساكنة بخلاف تاء الاسم ، لأن أصل الاسم الإعراب وأصل الفعل البناء ، فنبّه من أول الأمر بسكون هذه على بناء ما لحقته لأنها كالحرف الأخير مما تلحقه ، وبحركة تلك على إعراب ما وليته ؛ ودليل كونها كلام الكلمة : دوران الإعراب عليها في نحو : قائمة ؛
وتقلب الاسمية في الوقف هاء ، بخلاف الفعلية ، إذ القلب تصرّف وهو بالمعرب أولى ؛
ولكون أصل التاء الفعلية هو السكون ، لم تردّ اللام المحذوفة للساكنين في : رمتا ، وغزتا ؛ لأن التاء ، وإن تحركت لأجل الألف التي بعدها ، وهي كجزء الكلمة ، فالحركة باعتبارها كاللازمة ؛ إلّا أنّ أصل البناء السكون ، فالحركة عليها كلا حركة ، بخلاف حركة اللام في : لم يخافا ولم يخافوا ، و : خافا ، و : خافوا ، و : خافي ، و : خافنّ ، وبيعنّ وقولنّ ؛ فإن عين الفعل في هذه لم تحذف لأن سكون لام المضارع ليس بأصل حتى إذا تحرّك لعارض قلنا : الحركة كالعدم كما قلنا في التاء الفعلية ؛ بل أصله تحرك اللام ، وكذا الأمر ، أصله المضارع ، والأصل في ، اضرب : لتضرب ، كما بيّنا ، فأصل لام : لم يخافا ، وخافا ، ولم يقولا وقولا : هو الحركة ، وهي الآن متحركة بحركة كاللازمة ، لأنها لأجل اتصال الضمير المرفوع الذي هو كجزء الكلمة ، بخلاف نحو : لم يخف الله ، وخف الله ، ولم يبع الثوب ، وبع الثوب ، ولم يقل الحق ، وقل الحق ، لأن اللام وإن كان أصلها الحركة ، الّا أنها الآن عارضة ليست كاللازمة ، لأن الكلمة الثانية منفصلة ؛
وكذا لم تردّ اللام في : اخشونّ ، واخشينّ ، وإن تحركت الواو ، والياء ، لأن أصل هذين الحرفين : السكون ، كالتاء الفعلية ؛
__________________
(١) الحرسيّ واحد الحرس ، فهو مفرد ؛
(٢) الآية ٩٩ سورة المؤمنون وتقدمت مع ما بعدها ؛
(٣) بتكرير : ارجعني ، ثلاث مرات ، وهي أقل الجمع ، المستفاد من واو الجمع في الفعل ؛