يجيء التشبيه المفيد لمعنى النفي ملحقا بالنفي ، أي منصوب الجواب ، نحو : كأنك وال علينا فتشتمنا ، أي : لست بوال ، أمّا إن قصدت بالتشبيه الحقيقة لا النفي فلا يجوز ذلك.
وذكر سيبويه (١) : حسبته شتمني فأثب عليه ، أي : لو شتمني لو ثبت عليه.
وقد تضمر «أن» الناصبة بعد الواو ، والفاء ، الواقعتين إمّا بعد الشرط قبل الجزاء ، نحو : أن تأتني فتكرمني أو تكرمني ، آتك ، أو بعد الشرط والجزاء نحو : أن تأتني آتك فأكرمك أو أكرمك ، وذلك لمشابهة الشرط في الأول ، والجزاء في الثاني ، للنفي ، إذا الجزاء مشروط وجوده بوجود الشرط ، ووجود الشرط مفروض ، فكلاهما غير موصوفين بالوجود حقيقة ، وعليه حمل قوله تعالى : (إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ ..) إلى قوله : (وَيَعْلَمَ)(٢) ، على قراءة النصب (٣).
وقد جاء بعد الحصر بإنما نحو : إنما يجئني فيكرمني زيد ، لما قلنا في «حتى» إن فيه معنى التحقير القريب من النفي (٤) ؛ وأمّا بعد الحصر بالّا نحو : ما قام إلا زيد فتحسن إليه ، فلا يجوز اتفاقا ، لأنه بعد إثبات صريح ، بلى ، إن لم يرجع الضمير الذي عمل فيه ما بعد الفاء بواسطة أو غير واسطة ، إلى المستثنى المثبت ، بل إلى شيء في حيّز النفي ، نحو : ما قام أحد إلا هند فأحسن إليه أو فأكرمه ، والضمير لأحد ، جاز ، لأن المعنى : ما قام أحد فأحسن إليه إلا هند ، على أن ذلك قبيح ، لأن قولك : فأحسن إليه متعلق بما قبل «إلّا» وقد تقدم في باب الفاعل ، أن متعلق ما قبلها لا يقع بعد المستثنى عند البصرية ، إلا الأشياء المعدودة هناك (٥).
وقد جاء ما بعد الفاء منصوبا ، في ضرورة الشعر ، فيما ليس فيه معنى النفي أصلا ، كقوله :
__________________
(١) انظر سيبويه ج ١ ص ٤٢٢.
(٢) الآيات ٣٣ ، ٣٤ ، ٣٥ من سورة الشورى ؛
(٣) الرفع قراءة نافع وابن عامر ، وباقي السبعة بالنصب ؛
(٤) هذا يؤيد ما جاء في بعض النسخ وأشرنا إليه في ص ٥٨ ه ٢ ؛
(٥) عرض الشارح لهذا في بحث مستفيض في آخر باب الفاعل في الجزء الأول ؛