هذا ، وقال سيبويه (١) في قول الشاعر :
٦٥٨ ـ وما أنا للشيء الذي ليس نافعي |
|
ويغضب منه صاحبي بقؤول (٢) |
يجوز رفع يغضب ونصبه ، أمّا الرفع فلعطفه على الصلة ، أعني قوله : ليس نافعي ، وقال أبو علي ، في كتاب الشعر (٣) ، بل هو عطف على «نافعي» ؛ وليس بشيء ، لأنه يكون المعنى ، إذن ، ما أنا بقؤول للشيء الذي ليس يغضب منه صاحبي ، أي : لا أقول شيئا لا يغضب منه صاحبي ، وهذا ضد المقصود.
وإذا نصبته (٤) فهو على الصّرف (٥) ، قال المبرد : لا يجوز ذلك ، لأن مراد الشاعر : الذي يغضب منه صاحبي لا أقوله :
قلت : الذي قاله ، إنما يلزم لو جعلنا هذا الصّرف في سياق قوله : ليس نافعي ، لأنه يكون المعنى ، إذن ، لا أقول قولا ، لا يجمع النفع وغضب صاحبي ، وأمّا إذا جعلناه في سياق النفي الذي هو : ما أنا ، فلا يفسد المعنى ، لأنه يكون المعنى ، إذن ، لا يكون مني القول الذي لا ينفعني مع غضب صاحبي منه ، وذلك إمّا بانتفائهما معا أو بانتفاء أحدهما لأن المركب ينتفي بانتفاء أحد جزأيه كما ينتفي بانتفاء مجموعهما ، فتقدم الواو على ما هو منفي حقيقة ، أعني القول ، الذي تضمنه قوله : بقؤول ، كتقدم الفاء على الفعل المستفهم عنه في قولك : متى فأكرمك تكرمني ، كما تقدم في تعليل ذلك.
__________________
(١) قال سيبويه : ج ١ ص ٤٢٦ ـ وسمعنا من ينشد هذا البيت من العرب ... بالنصب والرفع أيضا جائز حسن ..
(٢) هذا البيت من قصيدة لكعب بن سعد الغنوي ـ وهو شاعر إسلامي وقبله :
وعوراء قد قيلت فلم ألتفت لها |
|
وما الكلم العوران لي بقبول |
وبعده :
ولن يلبث الجهال أن يتهضّموا |
|
أخا الحلم ما لم يستعن بجهول |
(٣) كتاب الشعر ، أو الإيضاح الشعري لأبي علي الفارسي وتكرر ذكر الكتاب وصاحبه.
(٤) أي الفعل : يغضب في البيت السابق ؛
(٥) أي على أن الواو للمعية.