أن بعضهم يقول : أن «لم» دخل على الماضي فقلب لفظه إلى المضارع ؛ وقد جاءت «لم» في الشعر غير جازمة ، كقوله :
٦٦٢ ـ لو لا فوارس من نعم وأسرتهم |
|
يوم الصليفاء لم يوفون بالجار (١) |
وجاءت ، أيضا في الضرورة ، مفصولا بينها وبين مجزومها ، قال :
٦٦٣ ـ فأضحت مغانيها قفازا رسومها |
|
كأن لم ، سوى أهل من الوحش تؤهل (٢) |
قوله : «ولمّا مثلها» ، يعني لقلب المضارع ماضيا ، أي نفي الماضي.
قوله : «وتختص بالاستغراق» ؛ اعلم أنّ «لمّا» ، كما قالوا ، كان في الأصل «لم» زيدت عليه «ما» ، كما زيدت في «إمّا» الشرطية ، وأينما ، فاختصت بسبب هذه الزيادة بأشياء :
أحدها : أن فيها معنى التوقع ، كقد ، في إيجاب الماضي (٣) ، فهي تستعمل في الأغلب ، في نفي الأمر المتوقع ، كما يخبر بقد ، في الأغلب ، عن حصول الأمر المتوقع ، تقول لمن يتوقع ركوب الأمر : قد ركب الأمير ، أو : لمّا يركب ، وقد استعمل في غير المتوقّع ، أيضا ، نحو : ندم ولمّا ينفعه الندم.
واختصّت «لمّا» ، أيضا ، بامتداد نفيها من حين الانتفاء إلى حال التكلّم ، نحو : ندم ولمّا ينفعه الندم ، فعدم النفع متصل بحال التكلم ، وهذا هو المراد بقوله : وتختص بالاستغراق (٤) ؛ ومنع الأندلسيّ (٥) من معنى الاستغراق فيها ، وقال : هي مثل «لم» في
__________________
(١) روى : لو لا فوارس من ذهل ، ومن جرم ، وهي أسماء قبائل ، ويوم الصليفاء أحد أيام العرب ، والبيت غير معروف القائل ، وإنما أنشده الأخفش والفارسي وغيرهما بدون نسبته إلى أحد ؛
(٢) هذا من قصيدة طويلة لذي الرمة ، مطلعها :
قف العيس في أطلال مية فاسأل |
|
رسوما كأخلاق الرداء المسلسل |
(٣) يعني في الماضي المثبت ؛
(٤) أي المذكور في المتن ؛
(٥) تقدم ذكره في هذا الشرح كثيرا ؛