٦٦٦ ـ محمد ، تفد نفسك كلّ نفس |
|
إذا ما خفت من أمر تبالا (١) |
وأجاز الفراء حذفها في النثر في نحو : قل له يفعل ، قال الله تعالى : (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ)(٢) ؛ وإنما ارتكب ذلك ، لاستبعاده أن يكون القول سبب الأولى أن يقال في مثله : انه جواب الأمر ، كأنه لما كان يحصل إقامتهم للصلاة عند قوله عليه الصلاة والسّلام لهم : صلّوا ، جعل قوله عليه السّلام كالعلة في إقامتها.
وقال بعضهم : جزمه لكونه شبه الجواب ، كما قلنا في قوله : (كُنْ فيكون) (٣) ، بالنصب ، ولو كان كما قاله الفراء ، لم يختص هذا بجواب الأمر.
ثم اعلم أنه كان القياس في أمر الفاعل المخاطب أن يكون باللام ، أيضا ، كالغائب ، لكن لما كثر استعماله ، حذفت اللام وحرف المضارعة تخفيفا ، وبني لزوال مشابهة الاسم بزوال حرف المضارعة ، وذلك لأنه شابه الاسم بسبب عروض موازنته له عند زيادة حرف المضارعة في أوله ؛ وقد جاء في الحديث أمر المخاطب باللام ، نحو : «لتزرّه ، ولو بشوكة» ، وفي آخر : «لتقوموا إلى مصافّكم» ، وهو في الشعر أكثر ، قال :
٦٦٧ ـ لتقم أنت يا ابن خير قريش |
|
فتقضّي حوائج المسلمينا (٤) |
والذي غرّ الكوفيين حتى قالوا : انه مجزوم (٥) والجازم مقدر ، هو القياس المذكور ، وأيضا مجيئه باللام في الشعر ، وأيضا معاملة آخره معاملة المجزوم ، كما يجيء ، وأيضا ، الحمل على «لاء (٦)» النهي ، فانها تعمل في المخاطب كما تعمل في الغائب.
__________________
(١) تفد مضارع فدى ، وهو مجزوم بلام أمر محذوفة ، المقصود بها الدعاء ، ونسبه بعضهم إلى حسان بن ثابت. وقال بعضهم انه لأبي طالب عم النبي صلّى الله عليه وسلّم ، وقيل فيه انه للأعشى ، نقل البغدادي ذلك كله ثم قال : والله أعلم بحقيقة الحال.
(٢) الآية ٣١ سورة ابراهيم.
(٣) جزء من الآية ١١٧ من سورة البقرة وتكررت.
(٤) بيت لا يعرف قائله وقال البغدادي انه مروي عن الكوفيين.
(٥) انه مجزم أي فعل الأمر وهذا رأي الكوفيين وهو أحد مسائل الخلاف التي تضمنها كتاب الانصاف ص ٥٢٤.
(٦) تقدم توجيه ذلك عند ذكرها في كلام المصنف.