وذهب بعض الكوفيين إلى أن رفعه على الابتداء ، لكنه مبتدأ يجب كون خبره فعلا ، لطلب كلمة الشرط للفعل ، سواء وليها ، أو ، لا ؛ ونقل عن الأخفش أيضا ، في مثله ، أنه مبتدأ ، لكن العامل في المبتدأ عنده هو الابتداء ، وعند الكوفيين : الخبر ، أو الضمير في الخبر ، كما تقدم في باب المبتدأ ؛ (١)
وإن كان ذلك الاسم منصوبا ، فإن كان الفعل بعده مشتغلا بضميره ، أو متعلقه ، فهو عند البصريين منصوب بالمقدر ، وعند الكوفيين بالظاهر ، كما مرّ في المنصوب على شريطة التفسير ؛
وإن لم يشتغل ذلك الفعل بضميره ولا متعلقه ، نحو : إن زيدا ضربت ، فهو أيضا عند الكوفيين منصوب بالظاهر ، وعند البصريين بالمقدر ، وذلك لما ثبت عندهم من قوة طلب كلمة الشرط للفعل ، حتى لم يجز الفصل بينهما لفظا ، إلا في لفظة «إن» ، لكونها أمّ الباب ، ولم يجز أن تدخل كلمة الشرط على اسم لا فعل بعده ، كما جاز في كلمة الاستفهام ؛
وعند البصريين ، حكم المنصوب والمرفوع المتقدمين على جواب الشرط : حكمهما متقدمين على الشرط ، فيجوز ، عندهم ، إن قمت : زيد يقم ، وإن لم تأتني ، زيدا أضرب ، فهما معمولان لمقدّرين يفسرهما جواب الشرط ؛
أمّا الكوفيون فلا يجوّزون جزم جواب الشرط إذا تقدمه المرفوع ، لأن الجزم عندهم بالجوار ، وقد زال الجوار بفصل المرفوع الذي هو أجنبي من الشرط ؛ أمّا لو كان المرفوع من جملة الشرط فلا يعدّ فاصلا من الجوار ، نحو : ان يضربني زيد ، أضرب ؛ فإن تقدمه المنصوب ، فالفراء يمنع ، أيضا ، جزم الجواب مطلقا ، كما في المرفوع للعلة المذكورة ، والكسائي يفصّل في الفاصل ، فإن كان ظرفا للجزاء ، لغوا ، جزم الجزاء ، لأنه كلا فصل ، نحو : ان تأتني اليوم ، غدا آتيك ، وإن تأتني ، إليك أقصد ، وإن لم يكن ظرفا ، لم يجز ، للعلة المذكورة ؛
__________________
(١) في الجزء الأول من هذا الشرح. كالذي قبله ؛