قال : وصَرِيَ فلانٌ في يد فلانٍ : إذا بَقِيَ في يدِه رَهْناً ؛ قال رؤبة :
* رَهْنَ الحَرورِيين قد صَرِيتُ *
وأَخبرَني المنذريُّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : قيل لابنة الخُسِّ أيُّ الطعام أثقَل؟ فقالت : بَيْضُ نَعامْ ، وصِرَى عامٍ بعدَ عامٍ ، أي : ناقة تُغَرَّز عاماً بعد عام.
وحكى شمر عن ابن الأعرابي أنه قال : الصَّرَى : اللّبنُ يُترَك في ضَرع الناقة فلا يُحتلب فيصير مِلْحاً ذا رِياح.
وأَخبرني عن أبي الهَيْثم أنَّه ردّ على ابن الأعرابيّ قوله : صِرَى عام بعدَ عام ، وقال : كيف يكون هذا؟ والناقةُ إنما تُحلَب ستَّةَ أشهر أو سبعةَ أشهر ، في كلامٍ طويل قد وَهِمَ في أكثره ، والّذي قاله ابنُ الأعرابيّ صحيح ، ورأيتُ العَرَب يَحلُبون الناقةَ من يومِ تُنْتَجُ سنةً إذا لم يَحمِلوا الفحلَ عليها كِشافاً ، يغرِّزُونها بعد تمَام السّنة ليَبقَى طِرْقُها ، وإذا غَرَّزُوها ولم يَحْتَلبوها ، وكانت السّنة مُخصِبةً تَرَادَّ اللبنُ في ضَرْعها فخَثُر وخَبُثَ طعمُه فانمَسَخَ ، ولقد حَلَبْتُ ليلةً من اللّيالي ناقةً مغرَّزَةً فلم يتهيّأ لِي شُرْبُ صَرَاها لخُبْث طعمِه ودَفْقَتِه ، وإنما أرادت ابنة الخُسِّ بقولها : صَرَى عامٍ بعد عام ، لبنَ عام استقبلتْه بعد انقضاء عامٍ نُتِجَتْ فيه ، ولم يَعرِف أبو الهيثم مُرَادَها ، ولم يَفهم منه ما فَهِمه ابن الأعرابيّ فعَلِق يَرُدّ بتطويلٍ لا معنى فيه.
أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابيّ : صَرَى يَصرِي : إذا قَطَع ، وصَرَى يَصْرِي : إذا عَطَف ، وصَرَى يَصرِي : إذا تَقدَّم ، وصَرَى يَصرِي : إذا تأخَّر ، وصَرَى يَصرِي : إذا عَلَا ، وصَرَى يَصري : إذا سَفَل ، وصَرَى يَصرِي : إذا أَنْجَى إنساناً من هَلَكة وأغاثه وأَنشد :
* بين الفَراعِلِ إنْ لم يَصْرِنِي الصّارِي
* وقال آخر في صَرَى إذا سَفَل :
والناشئاتِ الماشياتِ الخَيْزَرِي |
كعُنُق الآرام أَوْفَى أَوْ صَرَى |
قال : أَوْفَى : عَلَا. وصَرَى : سَفَل ، وأَنشد في عَطَف :
وصَرَيْنَ بالأعناقِ في مَجْدُولةٍ |
وصَلَ الصّوانعُ نِصْفَهنَّ جَديدا |
وقال ابن بزرج : صَرَتِ الناقةُ عُنُقَها : إذا رفعتْه من ثِقلَ الوِقْر ، وأَنشد :
* والعِيسُ بين خاضِعٍ وصَارِي *
قال : والصارِي : الحافظ ، ويقال : صَرَاه الله : حَفِظه الله.
وقال شمر : قال المنتجع : الصَّرْيانُ من الرّجال والدوابّ : الّذي قد اجتمع الماءُ في ظهرِه ، وأَنشد :
* فهو مِصَكٌّ صَمَيان صرْيان *