وكلّ شيء يَبرُك على أربعةٍ فقد رَبَض رُبُوضاً.
ويقال : ربَضت الغنمُ ، وبَركَت الإبل ، وجَثَمت الطيرُ جُثُوماً. والثَّورُ الوَحْشيّ يَربِض في كِناسه وقول العَجَّاج :
* واعتادَ أرباضاً لها آريُّ*
أراد بالأرباض جمع رَبَض ، شبّه كِناسَ الثّور بمأوَى الغَنَم.
وقال ابن الأعرابي : الرّبَضُ والمَرْبَضُ والمَرْبِض والرّبِيض : مجتَمَع الحَوايا.
ورُوي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه بَعثَ الضَحّاكَ بنَ سُفيانَ إلى قومه وقال : «إذا أتيتَهمْ فارْبِض في دارِهم ظَبْياً»، قال القُتَيْبيّ : رُوِي عن ابن الأعرابي أنه أراد : أَقِمْ في دارِهِم آمِناً لا تَبْرح ، كأنّك ظبيٌ في كِناسه ، قد أَمِن حَيثُ لا يَرَى إنسِيّاً.
قلت : وفيه وجهٌ آخر ، وهو أنه عليهالسلام أَمَرَه أن يأتيَهم كالمتوجّس لأنه بين ظَهراني الكَفَرة ، فمتى رَابَه منهم رَيْبٌ نَفر عنهم شارِداً.
وفي حديث أمّ مَعْبَد «أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم لمّا قالَ عندها دَعا بإناء يُرْبِضُ الرَّهْط».
قال أبو عبيد : معناه : أنّه يروِيهم حتى يُختِّرهم فيَناموا لكَثْرة اللبن الّذي شَرِبوه.
وقال الرّياشيّ : أربضت الشَّمسُ : إذا اشتدّ حَرُّها حتى تَربِضَ الشاةُ من شدّة الرَّمْضاء.
وقال أبو عبيد : الأَرْباضُ : حِبالُ الرَّحْل ، وقال ذو الرُّمة يذكر إِبِلاً :
إذا غَرَّقَتْ أَرباضُها ثِنْي بَكَرةٍ |
يتَيْماءَ لم تُصبِح رءُوماً سَلُوبُها |
وقال الليث : ربَضُ البَطْن : ما وَلِيَ الأرض من البَعِير إذا بَرَك ، والجميعُ الأَرْباض ، وأنشد :
* أسْلَمَتْها مَعاقِدُ الأَرْباض *
قلتُ : غَلط الليثُ في الرَّبَض وفيما احتجّ له به ، فأمّا الرَّبَضُ فهو ما تَحوَّى من مَصارِين البَطْن ، كذلك قال أبو عبيد ، وأمّا مَعاقِدُ الأرْباض فالأرباض ههنا الحِبال ، ومنه قول ذي الرُّمّة :
إذا مَطَوْنا نَسُوعَ الرَّحْل مُصعَدَةً |
سَلكْن أخْراتَ أرْباضِ المَدِاريجِ |
والأخَرات : حَلَقُ الحِبال.
وقال أبو عُبَيد : الرِّبُوضُ : الشجرة العظيمة ، وقال ذو الرّمّة :
* تجوَّفَ كلَّ أرْطَاةٍ رُبُوضٍ *
وسِلسِلةٌ رَبوض : ضَخْمة ، ومنه قولُه :
وفالوا رَبُوضٌ ضَخْمَةٌ في جِرانِه |
وأسمر من جِلْدِ الذِّراعيْن مُقْفَلُ |
أراد بالرَّبوض : سِلسلةً أُوثِق بها ، جعلها ضخمةً ثقيلةً.
وأراد الأسمَر : قِدّاً غُلَّتْ يدُه به فيَبِس عليه.