سلط : قال الزّجّاج في قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٩٦)) [هود : ٩٦] ، أي : وحجّة مبيَّنة.
حدّثنا أبو زيد عن عبد الجبّار عن سُفيانَ عن عمرو عن عِكرِمة عن ابن عبّاس في قوله : (قَوارِيرَا (١٥) قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ) [الإنسان : ١٥ ، ١٦] ، قال : في بياض الفضّة ، وصفاء القَوارِير. قال : وكلُ سلطان في القرآن فهو حجّة.
قال : وإنما سُمّي سلطاناً لأنّه حجّة لله جلّ وعزّ في أرضه.
قال : واشتقاقُ السُّلْطان من السَّلِيط ، قال : والسَّلِيط ما يُضاءُ به ، ومن هذا قيل للزَّيْت : السَّلِيط. قال : وقولُه : (فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ) [الرحمن : ٣٣] ، أي : حيْثما كنتم شاهدتمْ حُجَّةً لله وسُلطاناً يَدلّ على أنّه واحد.
وقوله : (هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ (٢٩)) [الحاقة : ٢٩] ، معناه : ذهبَ عنّي حجّتي.
والسُّلطانُ : الحُجّة ، ولذلك قيل للأمراء : سَلاطِين ، لأنّهم الّذين تُقام بهم الحُجَج والحُقُوق.
قال : وقولُه : (وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ) [سبأ : ٢١] ، أي : ما كان له عليهمْ من حجّة ، كما قال : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) [الحجر : ٤٢].
وقال الفرّاء في قوله : (وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ) ، أي : ما كان له عليهم من حجّة يضلُّهم بها إلَّا أنّا سلّطناه عليهم (لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ) [سبأ : ٢١].
وقال ابن السّكّيت : السلطان مؤنَّثة ، يقال : قَضَتْ به عليه السُّلْطان ، وقد آمَنَتْه السّلطان.
قلت : وربّما ذُكِّر السلطان لأنّ لفظَه مذكَّر ، قال الله تعالى : (بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) [إبراهيم : ١٠] ، قال أبو بكر : في السّلطان قولان : أحدُهما : أن يكون سُمِّي سلطاناً لتسليطه. والقول الآخر : أن يكون سُمِّي سلطاناً لأنّه حُجَّةٌ من حُجَج الله.
قال الفرّاء : السُّلطان عند العرب : الحُجّة ، ويذكَّر ويؤنَّث ، فمن ذكّر السلطان ذهب به إلى معنى الرَّجُل ، ومَن أنّثه ذَهبَ به إلى معنى الحجّة.
وقال محمد بنُ يزيد : من ذكّر السلطان ذهبَ به إلى معنَى الواحد ، ومن أَنَّثه ذهبَ به إلى معنَى الجَمع.
قال : وهو جمعٌ واحدُه سَلِيطٌ وسُلْطان ، قال : ولم يَقلْ هذا غيره.
وقال اللّيث : السّلطان : قدرةُ المَلِك ، مثل قَفِيز وقُفْزان ، وبَعيرٍ وبُعْران ، وقُدرةُ من جُعِل ذلك له وإن لم يكن مَلِكاً ، كقولك : قد جعلت له سُلطاناً على أخذ حَقِّي من فلان. والنُّون في السّلطان زائدةٌ لأنّ أصلِ بنائه من التَّسليط.