قال امرؤ القيس :
وبَيْضةِ حِدْرٍ لا يرامُ خِباؤُها |
تمتَّعْت من لَهوٍ بها غيرَ مُعْجَلِ |
ويقال : ابْتيضَ القومُ : إذا استُبيحتْ بيْضَتهم وابتاضَهم العَدُوُّ : إذا استأصَلَهم.
قال : ويقال : غُراب بائِضٌ ، وديكٌ بائض ، وهما مثل الوالد.
قلت : يقال : دَجاجةٌ بائض بغير هاء ، لأن الدِّيك لا يبيض.
وقال الليث : بيْضةُ العُقْر : مَثَلٌ يُضْرَب وذلك أن تُغْتَصب الجارية فتُفْتَضّ فتجرَّب ببَيضة ، وتسمى تلك البيضةُ بيضةَ العُقر.
وقال غيرُ الليث : بَيضة العُقْر : بيْضةٌ يبِيضُها الديك مرّة واحدةً ثم لا تعود ، تُضرَبُ مَثلاً لمن يصنعُ صَنيعةً إلى إنسان ثمّ لا يَرُبُّها بمثلِها.
وقال الليث : بيْضة البَلَد : هي تَرِيكة النَّعامة.
وقال أبو حاتم في كتابه في الأضداد : فلانٌ بيْضةُ البلد : إذا ذُمَّ ، أي : قد أُفرِد وخُذل فلا ناصرَ له.
قال : وقد يقال ذلك في المدح ، وأنشد بيت المتلمِّس في موضع الذّمّ :
لكنّه حَوْض مَن أَؤْدَى بإخوتِه |
رَيْبُ الزمان فأضحى بيضةَ البَلدِ |
وقال الراعي لابن الرِّفاع العامليّ في مثل هذا المعنى :
تأبَى قُضاعة أن تَعْرِفْ لكم نسَباً |
وابْنَا نِزارٍ فأنْتُم بيضةُ البَلَدِ |
كان وجْه الكلام أن تعرفَ ؛ فسكّن الفاء لحاجتِه إلى الحركة مع كثرة الحركات.
أراد أنه لا نَسَب له ولا عَشرةَ تَحميه.
وقال حسان بنُ ثابت في المَدْح ببَيْضة البَلَد :
أَرى الجلابيبَ قد عَزُّوا وقد كثُروا |
وابنُ الفُرَيعةِ أَمسى بيْضةَ البَلدِ |
قال : وهذا مَدْح ، وابن الفُريعَة أبوه ، وأراد بالجلابيب : سَفِل الناس وعَثْرَاءَهم.
قلت : وليس ما قاله أبو حاتم بجيِّد ، ومعنى قول حسَّان : أن سَفِل الناس عَزُّوا بعد ذِلّتهم وكَثروا بعد قلتهم ، وابن الفُريعَة الذي كان ذا ثروةٍ وثراءِ عِزٍّ أُخِّر عن قديم شرفِه وسُودَدِه واستُبِدّ بإمضاء الأمور دونَه ودون وَلَدِه ، فهو بمنزِلة بيْضة البَلَد التي تبِيضها النعامة ثم تترُكها بالفَلاة فلا تَحضنها فتَبقَى تَريكةً بالفَلاة لا تُصان ولا تحضَن.
وروَى أبو عمرو عن أبي العباس أنه قال : العربُ تقول للرجل الكريم : هو بَيْضةُ البَلَد يمدحونه. ويقولون للآخر : هو بيْضة البلد : إذا ذَمُّوه.
قال : فالممدوح يُراد به البَيْضة التي تَصونُها النعامة وتُوقِّيها الأذى ، لأنّ فيها