الله تعالى : (لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) [البقرة : ١٠٣].
وقال أبو زيد : قال التّميميّ : هي المَثْوَبة ، بفتح الواو.
وقد أثْوبه الله مَثْوبة حَسنة ، فأَظهر الواو على الأَصل.
وقال الكلابيّون : لا نَعْرف «المَثوَبة» ولكن «المَثابة» : وقيل : المَثوبة ، والثواب : ما جُوزي به الإنسان على فِعله من خَيْر أو شَرّ.
يقال : ثاب يثوب ، إذا رَجع.
والثواب : هو ما يرجع على المحْسن من إحسانه ، وعلى المُسيء من إساءته.
ومنه : (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ) [البقرة : ١٢٥] أي معاذاً يَصْدُرون عنه ويثُوبون إليه.
وإن فلاناً لمَثَابة ، أي يأتيه الناس للرّغبة ويَرجعون إليه مرة بعد أخرى.
والثّيِّبِ ، سُمِّيت «ثَيِّباً» ؛ لأنها تُوطأ وَطْئاً بعد وَطْء.
وأما الثُّبَة ، فهي الجماعة من الناس ، وتُجمع : ثُبات ، وَثُبىً وثُبين.
وقد اختلف أهل اللّغة ، فقال بعضهم : هي مأخوذة من «ثاب» ، أي عاد ورَجع ، وكان أصلها «ثُوَبة» فلما ضُمّت الثاء حذفت الواو ؛ وتَصغيرها : ثُوَيْبة.
ومن هذا أُخذ : ثُبة الحَوض ، وهو وَسطه الذي يَثُوب إليه بَقِيَّة الماء.
وقال الله تعالى : (فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) [النساء : ٧١]. قال الفراء : معناه : فانفروا عُصَباً ، إذا دُعيتم إلى السَّرايا أو دعيتم لتنفروا جميعاً.
وأخبرني المنذري ، عن الحسين ، عن محمد بن سلام ، أنه سأل يونس عن قوله : (فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) [النساء : ٧١] فقال : ثُبَة وثُبات ، أي فرقة وفِرَق ؛ قال زُهير :
وقد أَغدوا عَلَى ثُبَةٍ كِرامٍ |
نَشَاوَى وَاجِدِينَ لما نَشَاءُ |
قلت : والثباتُ : جماعاتٌ في تَفْرِقة : وكلَّ فِرقة : ثُبَة.
فهذا من «ثاب».
وقيل : (فَانْفِرُوا ثُباتٍ) [النساء : ٧١] أي انْفروا في السّرايا فِرَقاً ؛ الواحد : ثُبَة.
وقد ثَبَّيْتُ الجيش ، إذا جَعَلته ثُبةً ثبةً.
وقال آخرون : الثُّبَة : من الأَسماء الناقصة ، وفي الأَصل : «ثُبَيَةٌ» فالساقط هو لام الفعل في هذا القول ، وأما في القول الأَول فالسَّاقط عَيْن الفِعْل.
ومَن جَعل الأَصل ثُبَيَة ، فهو من ثَبَّيْتَ على الرّجُل ، إذا أَثْنَيْتَ عليه في حياته ؛ وتأويلُه : جَمع محاسنه.