وقال الأصمعيّ : كُلّ رَسْمٍ بِمكْوًى ، فهو نارٌ.
وما كان بغير مِكْوًى ، فهو حَرْقٌ ، وقَرْعٌ ، وقَرْمٌ ، وحَزٌّ ، وزَنْمٌ.
ثعلب ، عن ابن الأعرابي : النار : السِّمة ؛ وجمعها : نِيار.
وقال : وجَمع النّار المُحرقة : نِيران.
وجمع النّور : أَنْوار ، والنُّور : حُسْن النَّبات وطُوله ، وجمعه : نِوَرَة.
والنِّير : العَلَم ، وجمعه : أَنْيَار.
قلت : والعربُ تقول : ما نارُ هذه الناقة؟
أي ما سِمَتُها؟ سُمِّيت ناراً لأنَّها بالنَّار تُوَسم ؛ قال الراجز :
حتى سَقَوْا آبَالَهم بالنَّارِ |
والنارُ تَشْفِي من الأُوار |
أي سَقَوا إبلهم بالسِّمَة ، أي إذا نَظروا في سِمة صاحبها عُرف فسُقِيت وقُدِّمت على غيرها لِكَرم صاحبها عليهم.
ومن أمثالهم : نِجَارُها نارُها ، أي سِمتُها تَدُلّ على نِجَارها. يَعْني الإبل ؛ قال الرَّاجزُ يَصِف إبلاً ، سِماتُها مُخْتَلفة :
نِجَارُ كُلِّ إِبِلٍ نِجَارُها |
ونارُ إبْل العالَمين نارُها |
يقول : اختلفت سِماتُها لأنّ أربابَها من قبائل شتَّى ، فأُغِير على سَرْحِ كُلّ قَبيلة واجتمعت عند من أَغار عليها (١) سِماتُ تلك القبائل كلِّها.
وأما قوله :
* حتّى سَقَوْا آبَالهم بالنَّار*
يقول : لما عَرف أصحابُ الماء سِمتها سَقَوْها لِشَرف أَرْباب تلك النّار.
ونارُ المُهَوِّل : نارٌ كانَت للعَرَب في الجاهِليّة يُوقدونها عند التحالُف ويَطْرحون فيها مِلْحاً يَفْقَعُ ، يهوِّلون بذلك تأكيداً للحِلْف.
والعرب تَدعُو على العَدُوّ فتقول : أَبعد الله داره ، وأَوْقد ناراً إثْرَه.
وأخبرني المُنذريّ ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابي ، قال : قالت العُقَيْليّة : كان الرَّجُل إذا خِفْنا شَرَّه فتحوّل عنا أَوْقَدنا خلفه ناراً.
قال : فقلتُ لها : ولِمَ ذلك؟
قالت : ليتحوّل ضبعهم معهم ، أي شَرّهم.
وأَنشدني بعضُهم :
وجَمّة أقوام حَمَلْت ولم أَكن |
كموقِد نارٍ إثرهم للتندّم |
الجمّة : قومٌ تحمَّلوا حَمالَة فطافُوا بالقبائل يسألون فيها ، فأخْبر أنه حَمَل من الجمّة ما تحمّلوا من الدِّيات ، قال : ولم أنْدم حين ارتحلوا عنّي فأُوقد على إثرهم.
__________________
(١) في المطبوع : «علمها» ، والمثبت من «اللسان» (نور).