خُطبته : لا تُوَبِّروا آثاركم فتُولِتُوا دِينَكم.
هكذا رَواه الرِّياشي بإسناد له في حديث طويل أَخبرني به المُنذري ، عن الصَّيداوي ، عن الرِّياشي.
قال : وقال الرِّياشي : التَّوْبِير : التَّعْفِية ومَحْو الأَثر.
قال : وإنما يُوَبِّر من الدّواب التُّفَهُ ، وهو عَناق الأرض ، والأرنب.
يقال : وَبَّرت الأرْنبُ في عَدْوها ، إذا جَمعت بَرَاثنها لتُعَفِّي أثَرها.
قلت : وكان شَمر رَوَى هذا الحرف في حديث الشُّورى : لا تُوَبِّروا آثاركم فتُولتوا أَنْفُسَكم ، ذَهب به إلى الوَتْر والثأر ، والصواب ما رَواه الرِّياشيّ.
ألا ترى أنه يقال : وَتَرْت فلاناً أَتِره ، من الوَتْر ، ولا يقال : أَوْتَرْت.
ورَوى ابن هانىء ، عن أبي زيد ، يقال : وَبَّر فلانٌ على فلانٍ الأمْرَ ، أي عمّاه عليه ؛ وأَنْشد أبو مالك لجَرِير :
فما عَرَفَتْك كِنْدَة عن يَقينٍ |
وما وَبَّرْتُ في شُعَبِي ارْتِعَابَا |
يقول : ما أَخْفيت أمرك ارتعاباً ولكن اضْطراراً.
وروى أبو عُبيد ، عن أبي زيد : إنما يُوبِّر من الدوابّ الأرْنب وشيءٌ آخر.
قلت : هو التُّفَهُ.
قال : والتَّوْبير : أن تَتْبع المكانَ الذي لا يَسْتَبين فيه أثرُها ، وذلك أنها إذا طُلبت نظرت إلى صَلابة من الأرض فوثبت عليها لئلّا يَستبين فيه أثرُها لصَلابته.
وقال الليث : الوَبْر ؛ والأُنثى : وَبْرة : دويْبة غَبراء على قَدر السِّنَّور حَسنة العَيْنين شديدة الحَياء تكون بالغَوْر.
وأخبرني المُنذريّ ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابي ، أنّه قال : فلان أَسْمج من مُخَّة الوَبْر ، لسهولة مخرج مُخّه.
وروى سلَمة ، عن الفراء ، قال : يقال : فلانٌ آدم من الوِبارة ؛ جمع : الوَبْر.
والعربُ تقول : قالت الأرنبُ للوَبْر : وَبَرْ وَبْر ، عَجُزٌ وصَدْر ، وسائرك حَفْرٌ نَفْر.
فقال لها الوَبْر : أرَان أران ، عَجُزٌ وكَتِفان ، وسائرك أُكْلَتان.
أبو عُبيد ، عن الأصمعي : يُقال للمُزْغبة من الكمأَة : بنات أَوْبر ، واحدتها : ابن أَوْبَر ، وهي الصّغار ؛ وأَنشد الأَحْمر :
ولقد بَنَيْتُك أكْمُؤا وعَساقِلاً |
ولقد نَهَيْتُك عن بَنات الأَوْبَر |
وقال الليث : وَبَارِ : أرض كانت من محالّ عادٍ بين اليَمن ورِمال يَبْرِين ، فلما هَلكت عاد وأَوْرث الله ديارهم الجِنَّ ، فلا يَتقاربها أَحَدٌ من الناس ؛ وأَنشد :
* مِثْل ما كان بَدْءُ أهْل وَبَارِ*