قال أبو إسحاق : فيها ثلاثة أَوْجه : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) ، و (لإلاف قُريش) ، ولإلْف قُريش.
وقد قُرىء بالوَجهين الأوَّلَين.
أبو عُبيد : أَلِفتُ الشيءَ ، وآلَفْته. بمعنى واحد ، أي لَزِمْتُه ، فهو مُؤْلَف ، ومألوف.
وآلَفَتِ الظِّباءُ الرَّمْلَ ، إذا أَلِفَتْها ؛ وقال ذو الرُّمّة :
من المُؤْلفات الرَّمْلِ أَدْماءُ حُرَّةٌ |
شُعاعُ الضُّحَى في مَتْنها يَتَوضَّحُ |
أبو زيد : أَلِفْت الشيء : وأَلِفْتُ فلاناً ، إذا أَنِسْتَ به.
وأَلَّفْت بينهم تَأليفاً ، إذا جَمعت بينهم بعد تَفرُّق.
وأَلَّفْتُ الشيءَ : وَصَلْتُ بعضَه ببعض ؛ ومنه : تَأليفُ الكُتب.
وأَلَّفْتُ الشيءَ ، أي وَصَلْتُه.
وآلَفت فلاناً الشيءَ ، إذا ألزمْته إِياه ، أُولِفه إيلافاً.
وقول الله عزوجل : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ (١) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ (٢)) [قريش : ١ و٢] المعنى : لِتُؤْلَفَ قُرَيْشٌ الرِّحْلتين فيتَّصلا ولا يَنْقطعا.
وقيل : اللام مُتّصلة بالسُّورة التي قبلها ، أي أهلك الله أصحاب الفِيل لِتُؤْلَفَ قُريش رحْلَتِيها آمِنين.
وأخبرني المُنْذري ، عن أبي الحَسن الطُّوسِيّ ، عن أبي جعفر الخَرّاز ، عن ابن الأعرابي ، أنه قال : أصحاب الإيلاف أربعة إخوة : هاشم ، وعبد شمس ، والمطَّلب ، ونوفل : بَنُو عبد مناف ؛ فكانوا يُؤَلِّفون الجِوَارَ يُتْبعون بعضَه بعضاً يُجيرون قريشاً بِميرهم ، وكانوا يُسمَّون المُجِيرين ، فأمّا هاشم فإنه أَخذ حَبْلاً من ملك الرُّوم ، وأخذ نوفلٌ حبلاً من كِسرى ، وأخذ عبد شمس حبلاً من النجاشي ، وأخذ المُطّلب حَبْلاً من مُلوك حِمْير ، فكان تجّار قُريش يَختلفون إلى هذه الأَمْصار بحبال هؤلاء الإخوة ، فلا يُتَعَرَّض لهم.
ابن الأنباريّ : من قرأ لإلافهم وإلفهم فهما من أَلِف يَألف.
ومن قرأ لإيلافهم فهو من آلف يُؤلف.
قال : ومعنى : يُؤَلِّفون : يهيِّئون ويُجَهِّزون.
وقال ابن الأعرابيّ : يؤلِّفون : يُجيرُون ؛ وأنشد ابن الأنباريّ :
زَعمتُم أنّ إخوتكم قُريشاً |
لهم إلْفٌ وليس لْكم إِلَافُ |
وقال الفَرّاء : من قرأ إلْفَهم فقد يكون من يُؤَلِّفون.
قال : وأجود من ذلك أن يُجعل من يألفون رحلة الشتاء والصَّيف.
قال : والإيلاف من يُؤْلِفون ، أَي يُهيِّئون ويُجَهِّزون.