لقد عَلِم الضَّيْفُ والمُرْمِلون |
إذا اغْبرّ أفْقٌ وهَبّت شَمالا |
|
بأنْك رَبيعٌ وغَيثٌ مَرِيعٌ |
وقِدْماً هُناك تكون الثِّمالا |
وقال أبو طالب النّحوي ، فيما رَوى عنه المُنذري ، قال : أهلُ البصرة غير سيبويه وذَويه يقولون : إنّ العرب تخفِّف «أن» الشديدة وتُعملها ؛ وأَنشدوا :
ووَجْهٍ مُشْرق النَّحْر |
كأنْ ثَدْيَيه حُقّانِ |
أراد «كأنّ» فخفَّف وأَعمل.
وقال الفَرّاء : لم نسمع العرب تُخفّف «أن» وتُعملها إلّا مع المَكنّى ، لأنه لا يتبيّن فيه إعراب ، فأمّا في الظاهر فلا.
ولكن إذا خفّفوها رَفَعوا وأمّا من خَفف : (وَإِنَ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) فإنهم نَصبوا (كُلًّا) ب (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) ، كأنه قال : «وإن ليوفينهم كُلا».
قال : ولو رُفعت «كل» لصَلح ذلك ، تقول : إنْ زيدٌ لقائم.
وأما قول الله تعالى : (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) [طه : ٦٣] فإن أبا إسحاق النَّحوي اسْتَقصى ما قال فيه النَّحويون ، فحكيتُ كلامَه.
قال : وقرأ المدنيون والكوفّيون ، إلّا عاصماً : «إنّ هذان لساحران».
ورَوى عن عاصم أنه قرأ «إِنْ هذانِ» بتخفيف «إنْ».
ورُوي عن الخليل «إنْ هذا لساحران».
قال : وقرأ أبو عمرو : «إنّ هذين لساحران» ، بتَشديد «أنّ» ونصب «هذين» قال أبو إسحاق : والحجّة في «إنّ هذان لساحران» بالتشديد والرفع ، أن أبا عُبيدة روى عن أبي الخطّاب أنه لُغة لِكنانة ، يجعلون ألف الاثنين في الرفع والنصب والخفض على لفظ واحد ، يقولون : رأيت الزيدان.
وروى أَهل الكوفة والكسائي والفَراء أنها لُغة لبني الحارث بن كعب.
قال : وقال النحويّون القُدماء : هاهنا هاء مُضمرة ، المعنى : إنّه هذان لساحران.
قال : وقال بعضهم : «إن» في معنى «نعم» ، المعنى : نعم هذان لساحران ؛ وأنشد :
ويَقُلْن شَيْبٌ قد عَلا |
كَ وقد كَبِرْت فقلت إنَهْ |
وقال الفراء في هذا : إنهم زادوا فيها النون في التثنية ، وتركوها على حالها في الرفع والنصب والجر ، كما فعلوا في «الذين» فقالوا : الذين ، في الرَّفع والنَّصب والجر.
فهذا جميع ما قال النحويّون في الآية.
قال أبو إسحاق : وأجودها عندي أن ، «أن» وقعت موقع «نعم» ، وأن اللام