* خالط من سَلْمى خياشِيم وفا*
قال : وربما قالوا ذلك في غير الإضافة ، وهو قليل.
الليث : أمّا : فو ، وفا ، وفي ، فإن أصل بنائها «الفَوْه» حذفت الهاء من آخرها.
وحُملت الواو على الرفع والنَّصب والجرّ ، فاجترت الواو صُروفَ النحو إلى نفسها ، فصارت كأنها مدّة تَتبع الفاء.
وإنما يستحسنون هذا اللفظ في الإضافة ، أما إذا لم تُضف فإن الميم تُجعل عماداً للفاء ، لأن الياء والواو والألف يَسْقطن مع التَّنوين ، فكرهوا أن يكون اسم بحرف مغلق ، فعمِّدت الفاء بالميم ، إلا أن الشاعر قد يضطر إلى إفراد ذلك بلا ميم ، فيجوز في القافية ؛ كقوله :
* خالط مِن سَلْمى خياشيمَ وفا*
قلت : وممّا يَدُلّ على أن الأصل في : فم ، وفو ، وفا ، وفي ، «هاء» حُذفت من آخرها : قولُهم للرّجُل الكثير الأكل : فَيِّهٌ ، وامرأة فَيِّهةٌ.
ابن السِّكيت : رَجُلٌ أَفْوه : عظيم الفَم طويل الأسْنان.
وكذلك : مَحالَة فوهاء ، إذا طالت أسنانها التي يَجري الرِّشاء فيها.
ورَجُلٌ مُفَوَّه ، وفَيِّهٌ : حَسن الكلام.
سلَمة ، عن الفَرّاء : أَلْقَيت على الأديم دَبْغةً ، والدَّبْغة : أن تُلْقِي عليه فماً مِن دباغ خَفِيفة ، أي : فَماً من دِبَاغ ، أي نَفْساً.
ودَبَغْتُه نَفْساً ، ويُجمع : أنْفُساً ، كأنْفُس النّاس ، وهي المرّة.
أخبرني المُنْذري ، عن ثَعلب عنه ، قال أبو زُبيد يصف شِبْلين :
ثم اسْتفاها فلم يَقْطع رَضَاعَهما |
عن التَّصَبُّب لا شَعْبٌ ولا قَدْعُ |
اسْتَفاها : اشتدّ أكلُها. والتَّصَبُّب : اكتساء اللَّحم للسِّمن بعد العِظام ، والتَّحلُّم ، مثله. والقَدْع : أن تُدفَع عن الأمر تُريده ؛ يقال : قَدَعته فقُدع قَدْعاً.
ورَجُلٌ فَيّه : جَيِّد الأكل. وقد اسْتفاه.
وهي مُسْتَفِيه.
قال أبو عُبيد : قال أبو زيد : من أمثالهم في الدُّعاء على الرَّجُل قولُهم : فاهَا لفيك ؛ تريد : فَا الدّاهية.
قال : ومَعناه : الخَيبةُ لك.
قال أبو عُبيد : وأصله أنه يُريد : جَعل الله بفيك الأرضَ.
وكما يقال : بفيك الأرض ، يُقال : بفيك الأثلب والحَجر ؛ وأَنْشد :
فقلت لها فاها لفيك فإنها |
قلُوص امرىء قارِيك ما أَنت حاذِرُهْ |
وقال سيبويه : فاهَا لفيك ، غير مُنوّن ، إنما يريدون : الدَّاهية ، وصار بدلاً من اللفّظ ، بقوله : دَهاك الله ، يدلّك على ذلك قوله :