«الطور» هي واو القسم ، والواو التي هي في (وَكِتابٍ) هي واو العطف ، ألا ترى أنه لو عطف بالفاء كان جائزاً ، و «الفاء» لا يقسم بها ، كقوله تعالى : (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً (١) فَالْحامِلاتِ وِقْراً (٢)) [الذاريات : ١ ، ٢] غير أنه إذا كان بالفاء فهو مُتّصل باليمين الأولى ، وإذا كان بالواو فهو شيء آخر أُقسِم به.
ومنها : واو الاستنكار ، إذا قلت : جاءني الحسن ، قال المُستنكر : الْحسَنُوه. وإذا قلت : جاءني عَمْرو ، قال : أعمْروه ، يمدّ بواو ، والهاء للوقفة.
ومنها : واو الصِّلة في القوافي ؛ كقوله :
* قِف بالدِّيار التي لم يَعفها القِدَمُو*
فوُصلت ضمة الميم بواو تَمّ بها وزن البَيْت.
ومنها : واو الإشباع ؛ مثل قولهم : البُرْقُوع ، والمُعْلُوق.
وحكى الفراء : أَنظور ، في موضع «أنظر» ؛ وأنشد غيرُه :
* لو أنّ عَمْراً همّ أَن يَرْقُودَا*
أراد : أن يرقد ، فأشبع الضمة بالواو ، ونَصَب «يرقودا» على ما يُنصب به الفعل.
ومنها : واو التَّعايي ، كقولك : هذا عمرو ، فيستمدّ ، ثم يقول : مُنطلق.
وقد مضى بعض أخواتها في باب الألفات والياآت.
ومنها : واو مَدّ الاسم بالنداء ؛ كقولهم : أيَا قُورط ، يريد قُرْطاً ، فمدّوا ضمّة القاف ليمتدّ الصوتُ بالنداء.
ومنها : الواو المُحوّلة ، نحو ، طُوبى ، أصلها : طيِبى ، فقلبت الياء واواً ، لانضمام الطاء قبلها ، وهي من : طاب يَطيب.
ومنها : واو المُوقنين ، والموسرين ، أصلها : المُيْقنين ، من : أيقنت ، والمُيْسرين ، من : أَيْسرت.
ومنها : واو الجزم المُرسل ؛ مثل قوله تعالى : (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) [الإسراء : ٤] فأسقط الواو لالتقاء الساكنين ، لأن قبلها ضَمّة تخلفها.
ومنها جَزم الواو المُنْبسط ؛ كقوله تعالى : (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ) [آل عمران : ١٨٦] فلم يُسقط الواو وَحَرّكها لأن قبلها فتحة ، ولا تكون عِوضاً منها.
هكذا أخبرني المُنذريّ به ، عن أَبي طالب ، وقال : إنما يَسقط أحد الساكنين إذا كان الأول من الجزم المُرسل انكسر ولم يسقط. والجزم المُرسل كل وَاو قبلها فتحة ، وياء قبلها كسرة ، أو ألف قبلها فتحة.
فالألف كقولك للاثنين : اضربا الرجل ، سَقطت الألف عند التقاء الساكنين ، لأن قبلها فتحة فهي خلف منها.