قال : وأمّا التَّحويل من الهمز فأَن تحوّل الهمزة إلى «الياء» و «الواو» ، كقولك : قد خَبَيت المتاع ؛ فهو مخبيّ ، وَهو يَخباه ، فاعْلم.
فيجعل الياءَ ألفاً حيث كان قبلها فتحة ، نحو ألف : يسعا ، و: يخشا ؛ لأن ما قبلها مفتوح.
قال : وَتقول : رفوت الثوب رَفواً ، فحوّلت الهمزة واواً ، كما ترى.
وتقول : لم يخب عني شيئاً ، فتسقط موضع اللام من نظيرها من الفِعْل ؛ للإعراب ، وتدع ما بقي على حاله متحركاً ، وتقول : ما أخباه ؛ فتسكن الألف المحوّلة كما أسكنت الألف من قولك : ما أخشاه.
قال : ومن محقّق الهمز قولُك للرجل : يلؤم ، كأنك قلت : يَلعم ، إذا كان بخيلاً ؛ والأسد يَزْئر ، كقولك : يزعر.
فإِذا أردت التَّخفيف قلت للرجل : يَلُم ، وللأسد : يَزر ؛ على أن ألقيت الهمزة من قولك : يلؤم ويزئر ، وحركت ما قبلها بحركتها على الضم والكسر ، إذا كان ما قبلها ساكناً.
فإِذا أردت تحويل الهمزة منهما قلت للرجل : يَلُوم ، فجعلتها واواً ساكنة ، لأنها تَبعت الضمة ؛ وللأسد : يزير ، فجعلتها ياء للكسرة قبلها ، نحو : يبيع.
وكذلك كل همزة تبعث حرفاً ساكناً عَدلتها إلى التخفيف ، فإِنك تلقيها وتحرّك بحركتها الحرفَ الساكن قبلها ، كقولك للرجل : يسل ، فتحذف الهمزة وتحرك موضع الفاء من نظيرها من الفعل بحركتها ، لأنه ساكن ؛ كقولك في الأمر : سل ، فتحرك ما قبل الهمزة بحركتها ، وأسقطت ألف الوصل إذ تحرك ما بعدها.
وإنما يجتلبونها للإسكان ؛ فإِذا تحرك ما بعدها لم يحتاجوا إليها.
ومن المحقق باب آخر : وهو قولك من «رأيت» ، وأنت تأمر : ارأ ، كقولك : ارْع زَيداً.
فإذا أردت التخفيف قلت : رَ زَيْداً ، فتسقط ألف الوصل لتحرّك ما بعدها.
قال أبو زيد : وسمعت من العرب من يقول : يا فلان نُويك ، على التخفيف ، وتحقيقه : انْأَ نُؤْيك ، كقولك : انْع نعيك ، إذا أمره أن يجعل حول خبائه نؤياً كالطّوق يَصْرف عنه ماء المطر.
ومن هذا الباب قولك : رأيت الرجل ، فإذا أردت التخفيف قلت : رايت ، فحركت الألف بغير إشباع همز ، ولا تسقط الهمزة لأن ما قبلها متحرك.
وتقول للرجل : ترأى ذلك ، على التحقيق.