أحدها : وهو مذهب الخليل ، أن تجعل مكان الهمزة الثانية همزة بين بين أعني : بين الهمزة وبين الحرف الذي منه حركتها ، فإذا كان مضموماً جُعل الهمزة بين الواو والهمزة ، فقال : (أَوْلِياءُ أُولئِكَ).
وأما أبو عمرو فيقرأ على ما ذكرنا.
وأما ابن أبي إسحاق وجماعة من القراء فإنهم يَجمعون بين الهمزتين.
وأما اختلاف الهمزتين ، نحو قوله تعالى : (السُّفَهاءُ أَلا) [البقرة : ١٣] فأكثر القُراء على تحقيق الهمزتين.
وأما أبو عمرو فإنه يحقِّقَ الهمزة الثانية في رواية سيبويه ، ويخفّف الأولى فيجعلها بين الواو والهمزة ، فيقول «السُّفَهاءُ أَلا» ويقرأ «مِنَ السَّماءِ إِنْ» فيخفّف الثانية.
وأما سيبويه والخليل فيقولون «السفهاء ولا» يَجعلون الهمزة الثانية واواً خالصة ؛ وفي قوله تعالى : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ) [الملك : ١] ياءً خالصة.
فهذا جميع ما جاء في هذا الباب.
باب ما جاء عن العرب في تحقيق الهمز وتليينه وتحويله وحذفه
قال أبو زيد الأنصاري : الهمز على ثلاثة أوجه : التحقيق ، والتخفيف ، والتحويل.
فالتحقيق منه أن تعطي الهمزة حقها من الإشباع ، فإذا أردت أن تعرف إشباع الهمزة فاجعل «العَين» في موضعها ، كقولك من «الخب» : قد خبأت لك ، بوزن «خبعت» ، وقرأت ، بوزن «قرعت» ، فأنا أخبع وأقرع ، وأنا خابىء وقارىء ، نحو : خابع ، وقارع.
فخُذ تحقيق الهمز بالعين كما وصفت لك.
قال : والتخفيف من الهمزة ، إنما سمّوه تخفيفاً لأنه لم يُعط حقّه من الإعراب والإشباع ، وهو مُشْرب همزاً تصرّف في وجوه العربيّة بمنزلة سائر الحروف التي تحرّك ، كقولك : خبأت وقرأت ، فجعل الهمزة ألفاً ساكنة على سُكونها في التحقيق ، إذا كان ما قبلها مفتوحاً.
وهي كسائر الحروف التي يدخلها التحريك ، كقولك : لم يَخبا الرجل ، ولم يقرا القرآن ، فيكسر الألف من «يخبا» و «يقرا» ، لسكون ما بعدها ، فكأنك قلت : لم يَخْبِيَّرجُل ، ولم يَقْر يَلْقرآن ، وهو يخبو ويَقرو ، فيجعلها واواً مضمومة في الإدراج.
فإِن وقفتها جعلتها ألفاً ، غير أنك تهيئها للضَّمة من غير أَن تظهر ضمتها ، وتقول : ما أخباه وأقراه ، فتحرّك الألف بفتح لبقيّة ما فيها من الهمزة ، كما وَصفت لك.