تطالَلْت فَاسْتشرفْتُه فعرفته |
فقُلت له آأنت زيدُ الأرانبِ |
وأنشد أحمد بن يحيى :
خِرق إذا ما القوم أَجْرَوا فكاهةً |
تذكَّر آإيّاه يَعْنون أم قِرْدا |
وقال الزجّاج : زعم سيبويه أن من العرب من يحقِّق الهمزة ولا يجمع همزتين ، وإن كانتا من كلمتين.
قال : وأهل الحجاز لا يخفّفون واحدة منهما.
قال : وكان الخليل يَرى تَخفيف الثانية ، فيجعل الثانية بين الهمزة والألف ، ولا يجعلها ألفاً خالصة.
قال : ومن جعلها ألفاً خالصة فقد أخطأ من جهتين :
إحداهما : أنه جَمع بين ساكنَيْن.
والأخرى : أنه أبدل من همزة متحرِّكة قبلها ألفاً ، والحركة الفتح.
قال : وإنما حَقّ الهمزة إذا تحرّكت وانفتح ما قبلها أَن تُجعل بين الهمزة وبين الحرف الذي منه حركتها ، فتقول في : «سأل» : سال ؛ وفي «رؤف» : روف ؛ وفي «يئس» بِيس.
وهذا في الخط واحد ، وإنما تحكمه المُشافهة.
قال : وكان غير الخليل يقول في مثل قوله تعالى : (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) [محمد : ١٨] أن تخفّف الأُولى.
وقال سيبويه : جماعة من العرب يقرؤون «فقد جا أشراطها» يحقِّقون الثانية ويخفّفون الأولى.
قال : وهذا مذهب أبي عمرو بن العلاء.
قال : وأمّا الخليل فإنه يقرأ بتحقيق الأولى وتخفيف الثانية.
قال : وإنما اخترت تخفيف الثانية ، لاجتماع الناس على بدل الثانية في قولهم : آدم ، وآخر ، لأن الأصل في «آدم» : أأدم ، وفي «آخر» : أَأْخر.
قال الزجّاج : وقول الخليل أَقيس ، وقول أبي عمرو جيّد أيضاً.
قال : وأما الهمزتان إذا كانتا مكسورتين نحو قوله تعالى : (عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) [النور : ٣٣] ، وإذا كانتا مضمومتين ، نحو قوله تعالى : (أَوْلِياءُ أُولئِكَ) [الأحقاف : ٣٢] ، فإِن أبا عمرو يُخفف الهمزة الأولى منهما ، فيقول «على البغا إن أَردن» ، و «أوليا أولئك» فيجعل الهمزة الأولى في «الْبِغاءِ» بين الهمزة والياء ويكسرها ؛ ويجعل الهمزة في قوله تعالى : «أَوْلِياءُ أُولئِكَ» الأولى بين الواو والهمزة وبضمّها.
قال : وجملة ما قال النحويون في مثل هذا ثلاثة أقوال :