أما الظاهر فنحو قولك : نعم الرجل زيدا وبئس الرجل عبد الله ونعم الدار دارك فارتفع الرجل والدار بنعم وبئس لأنهما فعلان يرتفع بهما فاعلاهما.
أما زيد : فإن رفعه على ضربين :
أحدهما : أنك لما قلت : نعم الرجل فكأن معناه محمود في الرجال وقلت : زيد ليعلم من الذي أثنى عليه فكأنه قيل لك : من هذا المحمود قلت : هو زيد.
والوجه الآخر : أن تكون أردت التقديم فأخرته فيكون حينئذ مرفوعا بالابتداء ويكون (نعم) وما عملت فيه خبره وليس الرجل في هذا الباب واحدا بعينه إنما هو كما تقول : أنا أفرق الأسد والذئب لست تريد واحدا منهما بعينه إنما تريد : هذين الجنسين.
قال الله تعالى : (وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) فهذا واقع على الجنسين يبين ذلك قوله : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) [سورة العصر].
وما أضيف إلى الألف واللام بمنزلة ما فيه الألف واللام ، وذلك قولك : نعم أخو العشيرة أنت وبئس صاحب الدار عبد الله ويجوز : نعم القائم أنت ونعم الضارب زيدا أنت ولا يجوز : نعم الذي (١) قام أنت ولا نعم الذي ضرب زيدا أنت من أجل أن الذي بصلته مقصود إليه بعينه.
قال أبو العباس رحمه الله : فإن جاءت بمعنى الجنس كقوله تعالى : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) [الزمر : ٣٣] ، فإن نعم وبئس تدخلان على (الذي) في هذا المعنى والمذهب.
فهذا الذي قاله قياس إلا أني وجدت جميع ما تدخل عليه نعم وبئس فترفعه وفيه الألف واللام فله نكرة تنصبه نعم وبئس إذا فقد المرفوع و (الذي) ليست لها نكرة البتة تنصبها.
__________________
(١) أجاز المبرد والفارسي إسناد نعم وبئس إلى الذي نحو نعم الذي آمن زيد كما يسندان إلى ما فيه أل الجنسية ، ومنع ذلك الكوفيون وجماعة من البصريين وهو القياس ؛ لأن كل ما كان فاعلا لنعم وبئس وكان فيه أل كان مفسرا للضمير المستتر فيهما إذا نزعت منه ، والذي ليس كذلك قال في شرح التسهيل ولا ينبغي أن يمنع ؛ لأن الذي جعل بمنزلة الفاعل ولذلك اطرد الوصف به. انظر شرح الأشموني على الألفية ١ / ١٧١.