ثم جعلت (حب وذا اسما فصار مبتدأ أو لزم طريقة واحدة تقول : حبذا (١) عبد الله وحبذا أمة الله).
ولا يجوز حبذه لأنهما جعلا بمنزلة اسم واحد في معنى المدح فانتقلا عما كانا عليه كما يكون ذلك في الأمثال نحو : (أطري فإنك ناعلة).
فأنت تقول ذلك للرجل والمرأة لأنك تريد إذا خاطبت رجلا : أنت عندي بمنزلة التي قيل لها ذلك وكذلك جميع الأمثال إنما تحكي ألفاظها كما جرت وقت جرت وما كان مثل : كرم رجلا زيد! وشرف رجلا زيد! إذا تعجبت فهو مثل : نعم رجلا زيد لأنك إنما تمدح وتذم وأنت متعجب.
ومن ذلك قول الله سبحانه : (ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا) [الأعراف : ١٧٧] وقوله : (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ) [الكهف : ٥].
وقال قوم : لك أن تذهب بسائر الأفعال إلى مذهب (نعم وبئس) فتحولها إلى (فعل) فتقول : علم الرجل زيد وضربت اليد يده وجاد الثوب ثوبه وطاب الطعام طعامه وقضى الرجل زيد ودعا الرجل زيد وقد حكي عن الكسائي : أنه كان يقول في هذا : قضو الرجل ودعو الرجل.
وهو عندي قياس وذكروا أنه شذ مع هذا الباب ثلاثة أحرف سمعت وهي : سمع وعلم وجهل.
وقالوا : المضاعف تتركه مفتوحا وتنوي به فعل يفعل نحو : خف يخف.
__________________
(١) حبّذا : فعل لإنشاء المدح ، ولا حبّذا فعل لإنشاء الذّمّ ، وهما مثل" نعم وبئس" (انظرهما في : نعم وبئس وما في معناهما) فيقال في المدح" حبّذا" وفي الذّمّ" لا حبّذا" قال الشاعر :
ألا حبّذا عاذري في الهوى |
|
ولا حبّذا الجاهل العاذل |
ف" حبّ" فعل ماض ، والفاعل" ذا" وهي اسم إشارة ولا يغيّر عن صورته مطلقا لجريانه مجرى الأمثال ، وجملة" حبّذا" من الفعل والفاعل خبر مقدّم ، ومخصوصه وهو" عاذري" مبتدأ مؤخرا أو خبر لمبتدأ محذوف.
انظر معجم القواعد العربية ٧ / ١٧.