نصبت ما بعد الاسم على الحال ، وذلك قولك : هذا العباس مقبلا ، وإن كان الاسم ليس بعلم ولكنه واحد ليس له ثان كان أيضا الخبر منصوبا كقولك : هذا القمر منيرا وهذه الشمس طالعة وكذلك إن أردت بالاسم أن تجعله يعم الجنس كله ويكون إخبارك عن واحده كإخبارك عن جميعه كان الخبر منصوبا كقولك : هذا الأسد مهيبا وهذه العقرب مخوفة إذا لم ترد عقربا تراها ولا أسدا تشير إليه من سائر الأسد ولا يجوز : هذا أنا وهذا أنت لأنك لا تشير للإنسان إلى نفسه ولا تشير إلى نفسك ، فإن أردت التمثيل أي : هذا يقوم مقامك ويغني غناءك جاز أن تقول : هذا أنت وهذا أنا والمعنى : هذا مثلك وهذا مثلي ، وأما قولك : هذا هو فبمنزلة قولك : هذا عبد الله إذا كان هو إنما يكون كناية عن عبد الله وما أشبهه ألا ترى أنك تكون في حديث إنسان فيسألك المخاطب عن صاحب القصة من هو فتقول : هذا هو وقال قوم : إن كلام العرب أن يجعلوا هذه الأسماء المكنية بين (ها وذا) وينصبون أخبارها على الحال فيقولون : ها هو ذا قائما وها أنذا جالسا وها أنت ذا ظالما وهذا الوجه يسميه الكوفيون التقريب وهو إذا كان الاسم ظاهرا جاء بعد (هذا) مرفوعا ونصبوا الخبر معرفة كان أو نكرة فأما البصريون فلا ينصبون إلا الحال وتقول : هذا هذا على التشبيه وهذا ذاك وهذا هذه.
واعلم أن من الأسماء مضافات إلى معارف ولكنها لا تتعرف بها لأنها لا تخص شيئا بعينه فمن ذلك : مثلك وشبهك وغيرك تقول : مررت برجل مثلك وبرجل شبهك وبرجل غيرك فلو لم يكن نكرات ما وصف بهن نكرة وإنما نكرهن معانيهن ألا ترى أنك إذا قلت : مثلك.
جاز أن يكون (مثلك) في طولك أو لونك أو في علمك ولن يحاط بالأشياء التي يكون بها الشيء مثل الشيء لكثرتها وكذلك شبهك ، وأما غيرك فصار نكرة ؛ لأن كل شيء مثل الشيء عداك فهو غيرك ، فإن أردت بمثلك وشبهك المعروف بشبهك فهو معرفة ، وأما شبيهك فمعرفة ولم يستعمل كما استعمل (شبهك) المعروف بأنه يشبهك وتقول هذا واقفا زيد وهذا واقفا رجل فتنصب (واقفا) على الحال ، وإن شئت رفعت فقلت هذا واقف رجل فتجعل (واقف) خبر (هذا) ورجل بدل منه وكذلك زيد وما أشبهه وينشد هذا البيت على وجهين :
أترضى بأنّا لم تجفّ دماؤنا |
|
وهذا عروس باليمامة خالد |
فينصب (عروس) ويرفع.