والمصدر : هو المفعول في الحقيقة لسائر المخلوقين فمعنى قولك : قام زيد وفعل زيد قياما سواء ، وإذا قلت : ضربت فإنما معناه أحدثت ضربا وفعلت ضربا فهو المفعول الصحيح.
ألا ترى أن القائل يقول : من فعل هذا القيام فتقول : أنا فعلته ومن ضرب هذا الضرب الشديد فتقول : أنا فعلته. تريد : أنا ضربت هذا الضرب.
وقولك : ضربت هذا الضرب ، وقولك : ضربت زيدا لا يصلح أن تغيره بأن تقول : فعلت زيدا ؛ لأنه ليس بمفعول لك فإنما هو مفعول لله تعالى فإذا قلت : ضربت زيدا فالفعل لك دون زيد وإنما أحللت الضرب به وهو المصدر فعلى هذا تقول : قمت قياما وجلست جلوسا وضربت ضربا وأعطيت إعطاء وظننت ظنا واستخرجت استخراجا وانقطعت انقطاعا واحمررت احمرارا فلا يمتنع من هذا فعل منصرف البتة.
ومصدر الفعل الذي يعمل فعله فيه يجيء على ضروب : فربما ذكر توكيدا نحو قولك :قمت قياما وجلست جلوسا فليس في هذا أكثر من أنك أكدت فعلك بذكرك مصدره وضرب ثان تذكره للفائدة نحو قولك : ضربت زيدا ضربا شديدا والضرب الذي تعرف.
وقمت قياما طويلا فقد أفدت في الضرب أنه شديد وفي القيام أنه طويل وكذلك إذا قلت : ضربت ضربتين وضربات فقد أفدت المرار وكم مرة ضربت.
وقال سيبويه : تقول : قعد قعدة سوء وقعد قعدتين لما عمل في الحدث يعني المصدر عمل في المرة منه والمرتين وما يكون ضربا منه ، وإن خالف اللفظ.
فمن ذلك : قعد القرفصاء (١) واشتمل الصمّاء ورجع القهقري ؛ لأنه ضرب من فعله الذي أخذ منه.
__________________
(١) قد ينوب عن المصدر في الانتصاب على المفعول المطلق (وهو منصوب بالفعل المذكور ، وهو مذهب المازني والسّيرافي والمبرّد واختاره ابن مالك لاطّراده ، أما مذهب سيبويه والجمهور فينصب بفعل مقدّر من لفظه ولا يطّرد هذا في نحو" حلفت يمينا" إذ لا فعل له) ، ما دلّ على المصدر ، وذلك أربعة عشر شيئا : أحد عشر للنّوع ، وثلاثة للمؤكّد.
أمّا الأحد عشر للنّوع فهي :