وذقت ولمست وجميع ما كان في معاينهن فهو متعد وكذلك حركة الجسم إذا لاقت شيئا كان الفعل من ذلك متعديا نحو : أتيت زيدا ووطئت بلدك ودارك ، وأما قولك : فارقته وقاطعته وباريته وتاركته فإنما معناه : فعلت كما يفعل وساويت بين الفعلين والمساواة إنما تعلم بالتلاقي وتركتك في معنى تاركتك ؛ لأن كل شيء تركته فقد تركك فافهم هذا ، فإن فيه غموضا قليلا (١).
__________________
(١) الأصل في عامل المفعول به أن يذكر ، وقد يحذف إمّا جوازا ، وذلك إذا دلّت عليه قرينة نحو" صديقك" في جواب" من أكرمت؟ ".
وهذا كثير ، نحو قولك" هلّا خيرا من ذلك" أي هلّا تفعل خيرا من ذلك.
ومن ذلك" ادفع الشّرّ ولو إصبعا" أي ولو دفعته إصبعا ومثله تقول لمن قدم : " خير مقدم" ويجوز فيه الرّفع ، ومثله تقول" مبرورا مأجورا". قد يحذف الفعل ويبفى مفعوله لكثرته في كلامهم حتى صار بمنزلة المثل من ذلك قول ذي الرّمة :
ديار مية إذ ميّ مساعفة |
|
ولا يرى مثلها عجم ولا عرب |
كأنه قال : اذكر ديار ميّة ، ومن ذلك قول العرب" كليهما وتمرا" (وفي أمثال الميداني : كلاهما وتمرا ، كلاهما : ةأي زبد وسنام) يريد أعطني كليهما وتمرا.
ومن ذلك قولهم : " كلّ شيء ولا شتيمة حرّ" أي ائت كلّ شيء ، ولا ترتكب شتيمة حرّ ، ومن العرب من يقول : " كلاهما وتمرا" كأنّه قال : كلاهما لي ثابتان وزدني تمرا ، وكلّ شيء قد يقبل ولا ترتكب شتيمة حرّ.
ومما ينتصب في هذا الباب على إضمار الفعل المتروك إظهاره ، قوله تعالى : (انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ) (الآية : ١٧١ سورة النساء) " وراءك أوسع لك" والتقدير : انتهوا وأتوا خيرا لكم ، لأنّك حين قلت : انته فأنت تريد أن تخرجه من أمر وتدخله في آخر ، ويجوز في مثل هذا إظهار الفعل ، ومعنى" وراءك أوسع لك" تأخّر تجد مكانا أوسع لك ، ومثله قول ابن الرّقيّات :
لن تراها ولو تأمّلت إلّا |
|
ولها في مفارق الرّأس طيبا |
والمعنى : إلّا ورأيت لها طيبا.
ومثله قول ابن قميئة :
تذكّرت أرضا بها أهلها |
|
أخوالها فيها وأعمامها |
والمعنى : وتذكّرت أخوالها وأعمامها. انظر معجم القواعد العربية ٢٥ / ٥٩.