وقال آخرون ما يفهم منه : قصد التّواضع توقيفيّ دون ما عداه ، ونحن نجوّز كونها اصطلاحية بأن يحرّك الله رأس واحد فيفهم آخر أنه قصد الاصطلاح.
ويجوز كونها توقيفية بأن يثبت الربّ تعالى مراسم وخطوطا يفهم الناظر فيها العبارات ثم يتعلم البعض عن البعض.
وكيف لا يجوز في العقل كلّ واحد منهما ونحن نرى الصبيّ يتكلم بكلمة أبويه؟! ويفهم ذلك من قرائن أحوالهما في حالة صغره فإذن الكل جائز.
وأما وقوع أحد الجائزين فلا يستدرك بالعقل ولا دليل في السمع وقوله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) ظاهر في كونه توقيفيا وليس بقاطع ، ويحتمل كونها مصطلحا عليها من خلق الله تعالى قبل آدم. انتهى.
وقال ابن الحاجب في مختصره : الظاهر من هذه الأقوال قول أبي الحسن الأشعري.
قال القاضي تاج الدين السبكي في" شرح منهاج البيضاوي" : معنى قول ابن الحاجب :
القول بالوقف عن القطع بواحد من هذه الاحتمالات ، وترجيح مذهب الأشعري بغلبة الظن.
قال : وقد كان بعض الضّعفاء يقول : إن هذا الذي قاله ابن الحاجب مذهب لم يقل به أحد ؛ لأن العلماء في المسألة بين متوقّف وقاطع بمقالته ، فالقول بالظهور لا قائل به.
قال : وهذا ضعيف ؛ فإن المتوقّف لعدم قاطع قد يرجّح بالظنّ ، ثم إن كانت المسألة ظنّية اكتفى في العمل بها بذلك التّرجيح ، وإلّا توقف عن العمل بها.
ثم قال : والإنصاف أن الأدلة ظاهرة فيما قاله الأشعري ، فالمتوقّف إن توقّف لعدم القطع فهو مصيب وإن ادّعى عدم الظهور فغير مصيب.
هذا هو الحقّ الذي فاه به جماعة من المتأخرين منهم الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد في" شرح العنوان".
وقال في رفع الحاجب : اعلم ان للمسألة مقامين :