وهذا إنما يؤخذ سماعا عنهم فمن ذلك : (سحر) إذا كان معرفة غير مصروف تعني به :سحر يومك لا يكون إلا ظرفا وإنما يتكلمون به في الرفع والنصب والجر وبالألف واللام أو نكرة وكذلك تحقير سحر إذا عنيت : سحر يومك لم يكن إلا ظرفا.
تقول : سير عليه سحيرا وتصرفه ؛ لأن (فعيلا) منصرف حيث كان.
ومثله ضحى إذا عنيت : ضحى يومك وصباحا وعشية وعشاء إذا أردت : عشاء يومك فإنه لم يستعمل إلا ظرفا وكذلك : ذات مرة وبعيدات بين وبكرا وضحوة إذا عنيت ضحوة يومك وعتمة إذا أردت : عتمة ليلتك وذات يوم وذات مرة وليل ونهار إذا أردت : ليل ليلتك ونهار نهارك وذو صباح ظرف.
قال سيبويه : أخبرنا بذلك يونس إلا أنه قد جاء في لغة لخثعم : ذات ليلة وذات مرة أي جاءتا مرفوعتين فيجوز على هذا أن تنصب نصب المفعول على السعة.
واعلم أن العرب قد أقامت أسماء ليست بأزمنة مقام الأزمنة إتساعا واختصارا وهذه الأسماء تجيء على ضربين :
أحدهما : أن يكون أصل الكلام إضافة أسماء الزمان إلى مصدر مضاف فحذف اسم الزمان اتساعا نحو : جئتك مقدم الحاج وخفوق النجم وخلافة فلان وصلاة العصر فالمراد في جميع هذا : جئتك وقت مقدم الحاج ووقت خفوق النجم ووقت خلافة فلان ووقت صلاة العصر.
والآخر : أن يكون اسم الزمان موصوفا فحذفا اتساعا وأقيم الوصف مقام الموصوف نحو : طويل وحديث وكثير وقليل وقديم وجميع هذه الصفات إذا أقمتها مقام الأحيان لم يجز فيها الرفع ولم تكن إلا ظروفا وجرت مجرى ما لا يكون إلا ظرفا من الأزمنة فأما قريب ، فإن سيبويه أجاز فيه الرفع وقال : لأنهم يقولون : لقيته مذ قريب وكذلك ملى قال : والنصب عندي عربي كثير.
فإن قلت : سير عليه طويل من الدهر وشديد من السير فأطلقت الكلام ووصفته كان أحسن وأقوى وجاز.