وكل ما جاز أن يكون جواب (متى) فهو زمان ويصلح أن يكون ظرفا للفعل يقول القائل : متى قمت فتقول : يوم الجمعة ومتى صمت فتقول : يوم الخميس ومتى قدم فلان فتقول : عام كذا وكذا وكل ما كان جواب متى فالعمل يجوز أن يكون في بعضه وفي كله يقول القائل : متى سرت فتقول : يوم الجمعة فيجوز أن يكون سرت بعض ذلك اليوم.
ويجوز أن يكون قد سرت اليوم كله (وكم) من أجل أنها سؤال عن عدد تقع على كل معدود والأزمنة مما يعد فهي يسأل بها عن عدد الأزمنة فيقول القائل : كم سرت فتقول : ساعة أو يوما أو يومين ولا يسأل (بكم) إلا عن نكرة (ومتى) لا يسأل بها إلا عن معرفة أو ما قارب المعرفة يقول القائل : كم سرت فتقول : شهرين أو شهرا أو يوما ولا يجوز أن تقول : الشهر الذي تعلم ولا اليوم الذي تعلم ؛ لأن هذا من جواب (متى).
وأما قولهم : سار الليل والنهار والدهر والأبد فهو ، وإن كان لفظه لفظ المعارف فهو في جواب (كم) ولا يجوز أن يكون جواب (متى) ؛ لأنه إنما يراد به التكثير وليست بأوقات معلومة محدودة فإذا قالوا : سير عليه الليل والنهار فكأنهم قالوا : سير عليه دهرا طويلا وكذلك الأبد فإنما يراد به التكثير والعدد وإلا فالكلام محال.
وذكر سيبويه : أن المحرم وسائر أسماء الشهور أجريت مجرى الدهر والليل والنهار وقال لو قلت : شهر رمضان أو شهر ذي الحجة كان بمنزلة يوم الجمعة أو البارحة ولصار جواب (متى) فالمحرم عنده بلا ذكر (شهر) يكون في جواب (كم) ، فإن أضفت شهرا إليه صار في جواب (متى) وحجته في ذلك استعمال العرب له لذلك قال : وجميع ما ذكرت لك مما يكون مجرى على (متى) يكون مجرى على (كم) ظرفا وغير ظرف.
وبعض ما يكون في (كم) لا يكون في (متى) نحو : الدهر والليل والنهار.
واعلم أن أسماء الأزمنة تكون على ضربين : فمنها ما يكون اسما ويكون ظرفا ومنها ما لا يكون إلا ظرفا.
فكل اسم من أسماء الزمان فلك أن تجعله اسما وظرفا إلا ما خصته العرب بأن جعلته ظرفا ، وذلك ما لم تستعمله العرب مجرورا ولا مرفوعا.