والظروف المتمكنة وأجود ذلك أن يقوم المتصرف من الظروف والمصادر مقام الفاعل إذا كان معرفة أو نكرة موصوفة لأنك بقرب ذلك من الأسماء وتقول : سير على بعيرك فرسخان يوم الجمعة ، فإن شئت نصبت (يوم الجمعة) على الظرف وهو الوجه ، وإن شئت نصبته على أنه مفعول على السعة كما رفعت الفرسخين على ذلك وتقول : الفرسخان سير بزيد يوم الجمعة ، فإن قدمت يوم الجمعة وهو ظرف قلت : يوم الجمعة سير بزيد فيه فرسخان ، وإن قدمت : يوم الجمعة على أنه مفعول قلت : يوم الجمعة سيره بزيد فرسخان ، وإن قدمت يوم الجمعة والفرسخين ويوم الجمعة ظرف قلت : الفرسخان يوم الجمعة سيرا فيه بزيد ، وإن جعلت يوم الجمعة مفعولا قلت : سيراه ، فإن أقمت يوم الجمعة مقام الفاعل قلت : الفرسخان يوم الجمعة سير بزيد فيهما ، فإن جعلت الفرسخين مفعولين على السعة قلت : الفرسخان يوم الجمعة سيرهما بزيد ، فإن زدت في المسألة خلفك قلت : سير بزيد فرسخان يوم الجمعة خلفك فإذا قدمت الخلف مع تقديمك الفرسخين واليوم وأقمت الفرسخين مقام الفاعل وجعلت الخلف واليوم ظرفين قلت : الفرسخان يوم الجمعة خلفك سيرا بزيد فيه فيه ، وإن جعلتهما مفعولين على السعة قلت : الفرسخان يوم الجمعة خلفك سيراه بزيد إياه ترد أحد الضميرين المنصوبين إلى اليوم والآخر إلى خلف وأن لا تجعل مفعولا ولا مرفوعا أحسن ، وذلك ؛ لأنه من الظروف المقاربة للإبهام وكذلك أمام ويمين وشمال فإذا قلت : عندك قام زيد فقيل لك أكن عن (عندك) لم يجز لأنك لا تقول : قمت في عندك فلذلك لم توقعه على ضمير وإنما دخلت (من) على (عند) من بين سائر حروف الجر كما دخلت على (لدن).
وقال أبو العباس وإنما خصت (من) بذلك لأنها لابتداء الغاية فهي أصل حروف الإضافة.
واعلم أنّ الأشياء التي يسميها البصريون ظروفا يسميها الكسائي صفة والفراء يسميها محال ويخلطون الأسماء بالحروف فيقولون : حروف الخفض : أمام وقدام وخلف وقبل وبعد وتلقاء وتجاه وحذاء وإزاء ووراء ممدودات ومع وعن وفي وعلى ومن وإلى وبين ودون وعند وتحت وفوق وقباله وحيال وقبل وشطر وقرب ووسط ووسط ومثل ومثل وسوى وسواء