قال : وإن قلت : ما صنعت أنت وأبوك جاز لكل الرفع والنصب لأنك أكدت التاء التي هي اسمك بأنت.
وقبيح أن تقول : ما صنعت وأبوك فتعطف على التاء وإنما قبح لأنك قد بنيتها مع الفعل وأسكنت لها ما كان في الفعل متحركا وهو لام الفعل فإذا عطفت عليها فكأنك عطفت على الفعل وهو على قبحه يجوز وكذلك لو قلت : اذهب وأخوك كان قبيحا حتى تقول : أنت ؛ لأنه قبيح أن تعطف على المرفوع المضمر.
فقد دلك استقباحهم العطف على المضمرات الاسم ليس بمعطوف على ما قبله في قولهم : ما صنعت وأباك.
ومما يدلك على أن هذاه الباب كان حقه خفض المفعول بحرف جر أنك تجد الأفعال التي لا تتعدى والأفعال التي قد تعدت إلى مفعولاتها جميعا فاستوفت ما لها تتعدى إليه فتقول :استوى الماء والخشبة وجاء البرد والطيالسة فلولا توسط الواو وإنها في معنى حرف الجر لم يجز ولكن الحرف لما كان غير عامل عمل الفعل فيما بعدها ولا يجوز التقديم للمفعول في هذا الباب لا تقول : والخشبة استوى الماء ؛ لأن الواو أصلها أن تكون للعطف وحق المعطوف أن يكون بعد العطف عليه كما أن حق الصفة أن تكون بعد الموصوف وقد أخرجت الواو في هذا الباب عن حدها ومن شأنهم إذا أخرجوا الشيء عن حده الذي كان له الزموه حالا واحدة وسنفرد فصلا في هذا الكتاب لذكر التقديم والتأخير وما يحسن منه ويجوز وما يقبح ولا يجوز إن شاء الله.
وهذا الباب والباب الذي قبله أعني : بابي المفعول له والمفعول معه كان حقهما أن لا يفارقهما حرف الجر ولكنه حذف فيهما ولم يجريا مجرى الظروف في التصرف في الإعراب وفي
__________________
على تأويل : ما كنت ، لم يحملوا الكلام على ما ولا كيف ، ولكنهم حملوه على الفعل ، ومثله قولك : " كيف أنت وقصعة من ثريد" التقدير عند من نصب : كيف تكون وقصعة من ثريد." وكيف أنت وزيدا" قدّروه : ما كنت وزيدا. انظر معجم القواعد العربية ٢٥ / ٧٩.