وكان مع ذلك أنها في العطف لا تمنع الفعل الذي قبلها أن يعمل فيما بعدها فاستجازوا في هذا الباب إعمال الفعل ما بعدها في الأسماء ، وإن لم يكن قبلها ما يعطف عليه ، وذلك قوهم : ما صنعت وأباك ولو تركت الناقة وفصيلها لرضعها.
قال سيبويه : إنما أردت : ما صنعت مع أبيك ولو تركت الناقة مع فصيلها والفصيل مفعول معه والأب كذلك والواو لم تغير المعنى ولكنها تعمل في الاسم ما قبلها.
ومثل ذلك كـ (ما زلت وزيدا) أي : ما زلت بزيد حتى فعل فهو مفعول به فقد عمل ما قبل الواو فيما بعدها والمعنى معنى الباء ومعنى (مع) أيضا يصلح في هذه المسألة ؛ لأن الباء يقرب معناها من معنى مع إذ كانت الباء معناها الملاصقة للشيء ومعنى (مع) المصاحبة ومن ذلك : ما زلت أسير والنيل واستوى الماء والخشبة أي مع الخشبة وبالخشبة وجاء البرد والطيالسة أي مع الطيالسة وأنشد سيبويه :
وكونوا أنتم وبنى أبيكم |
|
مكان الكليتين من الطّحال |
وقال كعيب بن جعيل :
فكان وإيّاها كحرّان لم يفق |
|
عن الماء إذ لاقاه حتّى تقدّدا (١) |
__________________
(١) واو المعيّة ـ عند سيبويه ـ تعمل في الاسم ولا تعطف على الضمير قبلها ومثل ذلك : " ما زلت وزيدا حتى فعل" وقال كعب بن جعيل :
وكان وإيّاها كحرّان لم يفق |
|
عن الماء إذ لاقاه حتى تقدّدا |
ولا يجوز تقدّمه على عامله ، فلا تقول" وضفّة النّهر سرت".
الرفع بعد أنت وكيف وما الاستفهامية :
تقول : " أنت وشأنك" و" كيف أنت وزيد" و" ما أنت وخالد" يعملن فيما كان معناه مع ـ بالرفع ، ويحمل على المبتدأ ، ألا ترى أنّك تقول : " ما أنت وما زيد" فيحسن ، ولو قلت : " ما صنعت وما زيدا" لم يحسن ولم يستقم ، وزعموا أنّ ناسا يقولون : " كيف أنت وزيدا" و" ما أنت وزيدا" وهو قليل في كلام العرب ، ولم يحملوا على ما ولا كيف ، ولكنّهم حملوه على الفعل. وعلى النّصب أنشد بعضهم ـ وهو أسامة بن الحارث الهذلي :
فما أنا والسّير في متلف |
|
يبرّح بالذّكر الضّابط |