تحلّل وعالج ذات نفسك وانظرن |
|
أبا جعل لعلّما أنت حالم |
قال الخليل : إنما لا تعمل في ما بعدها كما أن (أرى) إذا كانت لغوا لم تعمل ونظير (إنما) قول المرار :
أعلاقة أمّ الوليد بعد ما |
|
أفنان رأسك كالثّغام المخلس |
جعل (بعد) مع (ما) بمنزلة حرف واحد وابتدأ ما بعده والفرق بين إن وإنما في المعنى أن إنما تجيء لتحقير الخبر.
قال سيبويه تقول : إنما سرت حتى أدخلها إذا كنت محتقرا لسيرك إلى الدخول.
و (أن) المفتوحة الألف عملها كعمل (إن) المكسورة الألف إلا أن الموضع الذي تقع فيه المكسورة خلاف الموضع الذي تقع فيه المفتوحة ونحن نفرد بابا لذكر الفتح والكسر يلي هذا الباب إن شاء الله (وأن) المفتوحة مع ما بعدها بمنزلة المصدر تقول : قد علمت أن زيدا منطلق فهو بمنزلة قولك : علمت انطلاق زيد وعرفت أن زيدا قائم كقولك : عرفت قيام زيد.
واعلم أنّ (إن وأن) تخففان فإذا خففتا فلك أن تعملهما ولك أن لا تعملهما أما من لم يعملهما فالحجة له : أنه إنما أعمل لما اشبهت الفعل بأنها على ثلاثة أحرف وأنها مفتوحة.
فلما خففت زال الوزن والشبه.
والحجة لمن أعمل أن يقول : هما بمنزلة الفعل.
فإذا خففتا كانتا بمنزلة فعل محذوف.
فالفعل يعمل محذوفا عمله تاما ، وذلك قولك : لم يك زيد منطلقا فعمل عمله والنون فيه والأقيس في (أن) : أن يرفع ما بعدها إذا خففت وكان الخليل يقرأ : (إن هذا لساحران) فيؤدي خط المصحف ولا بدّ من إدخال اللام على الخبر إذا خففت إن المكسورة تقول : إن الزيدان لمنطلقان ، وإن هذا لمنطلقان كيلا يلتبس (بإن) التي تكون نفيا في قولك : إن زيد قائم تريد : ما زيد بقائم ، وإذا نصب الاسم بعدها لم يحتج إلى اللام ؛ لأن النصب دليل فكان سيبويه لا يرى في (إن) إذا كانت بمعنى (ما) إلا رفع الخبر لأنها حرف نفي دخل على ابتداء وخبر كما تدخل ألف الاستفهام ولا تغير الكلام ، وذلك مذهب بني تميم.