قال أبو العباس وغيره : نجيز نصب الخبر على التشبيه ب (ليس) كما فعل ذلك في ما.
قال أبو بكر : وهذا هو القول ؛ لأنه لا فصل بينهما وبين (ما) في المعنى.
قال أبو علي الفارسي : القول غير هذا ول (إن) المخففة أربعة مواضع : (إن) التي تكون في الجزاء نحو : إن تأتني آتك.
والثاني : أن تكون في معنى (ما) نفيا تقول : إن زيد منطلق تريد : ما زيد منطلق.
والثالث : أن تدخل زائدة مع (ما) فتردها إلى الابتداء كما تدخل (ما) على إن الثقيلة فتمنعها عملها ، وذلك قولك : ما إن يقوم زيد وما إن زيد منطلق ولا يكون الخبر إلا مرفوعا قال الشاعر فروة بن مسيك :
وما إن طبّنا جبن ولكن |
|
منايانا ودوله آخرينا (١) |
الرابع : أن تكون مخففة من الثقيلة فإذا رفعت ما بعدها لزمك أن تدخل اللام على الخبر ولم يجز غير ذلك لما خبرتك به وعلى هذا قوله تعالى : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) [الطارق : ٤] وقوله : (وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ) [الصافات : ١٦٧] ، وإن نصبت بها لم تحتج إلى اللام إلا أن تدخلها توكيدا كما تدخلها في (إن) الثقيلة ؛ لأن اللبس قد زال.
وأما (أن المخففة) من المفتوحة الألف إذا خففتها من أن المشددة فالإختيار أن ترفع ما بعدها على أن تضمر فيها الهاء ؛ لأن المفتوحة وما بعدها مصدر فلا معنى لها في الابتداء والمكسورة إنما دخلت على الابتداء وخبره.
وأن الخفيفة تكون في الكلام على أربعة أوجه : فوجه : أن تكون هي والفعل الذي تنصبه مصدرا نحو قولك : أريد أن تقوم : أي : أريد قيامك.
__________________
(١) أكثر ما تزاد" إن" بعد" ما" النّافية إذا دخلت على جملة فعليّة ، نحو قول النّابغة الذّبياني :
ما إن أتيت بشيء أنت تكرهه |
|
إذن فلا رفعت سوطي إليّ يدي |
فإن هنا زائدة لتوكيد النفي.
أو جملة اسمية كقول فروة بن مسيك :
فما إن طبّنا جبن ولكن |
|
منايانا ودولة آخرينا |
(طبّنا : شأننا وعادتنا ، والعلة والسبب) انظر معجم القواعد العربية ٢ / ١١٥.