وهم كثير منهم الفرزدق وهذا البيت ينشد على ثلاثة أوجه : رفع ونصب وخفض فإذا قلت : كم عمة فعلى معنى : ربّ ، فإن قلت : كم عمة فعلى وجهين : على ما قال سيبويه في لغة من ينصب في الخبر وعلى الاستفهام ، فإن قلت : كم عمة فرفعت أوقعت (كم) على الزمان فقلت : كم يوما عمة لك وخالة قد حلبت عليّ عشاري أو كم مرة ونحو ذلك.
واعلم أنك إذا قلت : (كم عمة) فلست تقصد إلى واحدة بعينها.
وكذلك إذا نصبت.
فإن رفعت لم يكن إلا واحدة ؛ لأن التمييز يقع واحدة في موضع الجميع.
فإذا رفعت فإنما المعنى : كم دانقا هذا الدرهم الذي أسألك عنه فالدرهم واحد ؛ لأنه خبر وليس بتمييز ، وإذا فصلت بين كم وبين الاسم وبشيء استغنى عليه السكون أو لم يستغن فاحمله على لغة الذين يجعلونها بمنزلة اسم منون وانصب ؛ لأنه قبيح أن تفصل بين الجار والمجرور قال زهير :
تؤمّ سنانا وكم دونه |
|
من الأرض محدودبا غارها |
وإن شئت رفعت فجعلت : كم مرارا وأنشد سيبويه :
كم بجود مقرف نال العلى |
|
وكريم بخله قد وضعه |
يفصل بين كم وبين مقرف بالظرف وأجاز في مقرف الرفع والنصب أيضا على ما فسرنا.
__________________
لعمري وما عمري عليّ بهيّن |
|
لقد نطقت بطلا عليّ الأقارع |
(الأقارع : هم بنو قريع من بني تميم)
ود تبتغي من تجادع
(تجادع من المجادعة : المشاتمة ، وأصلها من الجدع : وهو قطع الأنف والأذن)
وقال الفرزدق :
كم عمّة لك يا جرير وخالة |
|
فدعاء قد حلبت عليّ عشاري |
(الفدعاء : معوجة الرسغ من اليد والرجل ، والعشراء : الناقة حملت عشرة أشهر ، يصف نساء جرير بأنهن راعيات له يحلبن عشارة). انظر معجم القواعد العربية ٢٥ / ١٠٥.