وعلى هذا قرئ : (يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ) [مريم : ٤٢] و (يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ) [هود : ٥١](١) قال : ومن زعم أنه على حذ ألف الندبة فهذا خطأ ؛ لأن من كان من العرب لا يلحق الندبة ألفا فهي عنده نداء فلو حذفوها لصارت بدلا على غير جهة الندبة.
وقال أبو العباس : لا أرى ما قال أبو عثمان في حذف الألف إذا جعلتها مكان ياء الإضافة صوابا نحو : يا غلاما أقبل لا يجوز حذف الألف لخفتها كما تحذف الياء إذا قلت : يا غلام أقبل.
وقال : يا أبت. لا يجوز عندي إلا على الترخيم كما قال سيبويه مثل : يا طلحة أقبل وقال : زعم أبو عثمان أنه يجيز : يا زيد وعمرا أقبلا على الموضع كما أجاز : يا زيد زيدا أقبل فعطف زيد الثاني على الموضع عطف البيان وأهل بغداد يقولون : يا الرجل أقبل ويقولون لم نر موضعا يدخله التنوين يمتنع من الألف واللام وينشدون :
فيا الغلامان اللّذان فرّا |
|
إيّاكما أن تكسبانا شرّا (٢) |
وقال أبو عثمان : سألت الأخفش كيف يرخم طيلسان فيمن كسر اللام على قولك : يا حار فقال : يا طيلس أقبل قلت : أرأيت فيعل اسما قط في الصحيح إنما يوجد هذا في المعتل نحو : سيد وميت.
__________________
(١) قال أبو عثمان : ووضع الألف مكان الياء في الإضافة مطرد ، وأجاز : يا زيد أقبل ؛ إذا أردت الإضافة ، قال : وعلى هذا قراءة من قرأ : (يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ) و (يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ) ، وأنشد أبو عثمان :
وقد زعموا أني جزعت عليهما |
|
وهل جزع إن قلت وابأباهما |
فهذا الوجه أوجه من الإسكان ، وقد أجازه أبو عثمان ورآه مطردا ، فعلى رأي أبي عثمان يكون ما رواه حفص عن عاصم أنه قرأ في كل القرآن : (يا بَنِي) إذا كان واحدا [الحجة للقراء السبعة : ٤ / ٣٤١].
(٢) خرجه ابن الأنباري في" الإنصاف" على حذف المنادى وإقامة صفته مقامه قال : " التقدير فيه وفي الذي قبله ، فيا أيها الغلامان ، ويا حبيبتي التي ؛ وهذا قليل بابه الشعر".
و" إياكما" : تحذير. و" أن تكسبانا" : أي : من أن تكسبانا ؛ وماضيه كسب يتعدى إلى مفعولين ، يقال :" كسبت زيدا مالا وعلما أي : أنلته".
قال ثعلب : كلهم يقول : كسبك فلان خيرا ، إلا ابن الأعرابي فإنه يقول : " أكسبك بالألف" كذا في" المصباح".
وهذا البيت شائع في كتب النحو ، ولم يعرف له قائل ولا ضميمة. انظر خزانة الأدب ١ / ٢٥٧.