والتكرير والنعت : بمنزلة واحدة تقول في النعت : لا رجل ظريف لك والتكرير على ذلك يجري تقول : لا ماء ماء باردا ، وإن فصلت بين الموصوف والصفة بشيء لم يجز في الصفة إلا التنوين ، وذلك قولك : لا رجل اليوم ظريفا ولا رجل فيها عاقلا من قبل أنه لا يجوز لك أن تجعل الاسم والصفة بمنزلة اسم واحد وقد فصلت بينهما كما أنه لا يجوز لك أن تفصل بين : عشر وخمسة في خمسة عشر.
والوجه الثالث : أن تجعل النعت على الموضع فترفع ؛ لأن (لا) وما علمت فيه في موضع اسم مبتدأ فتقول : لا رجل ظريف فتجري (ظريف) على الموضع فيكون موضع اسم مبتدأ والخبر محذوف ، وإن شئت جئت بخبر فقلت : (لك) أو عندك كما بينت لك فيما تقدم قال الشاعر :
وردّ جازرهم حرفا مصرّمة |
|
ولا كريم من الولدان مصبوح |
والنعت على اللفظ أحسن وكذلك إذا قلت : لا ماء ماء باردا ، وإن شئت قلت : لا ماء ماء بارد ، فإن جعلت الاسمين اسماص واحدا قلت : لا ماء ماء بارد جعلت ماء الأول والثاني اسما واحدا وجعلت (بارد) نعتا على الموضع.
ومن ذا قول العرب : لا مال له قليل ولا كثير.
قال سيبويه : والدليل على أن (لا رجل) في موضع اسم (مبتدأ) في لغة تميم قول العرب من أهل الحجاز : لا رجل أفضل منك والعطف في هذا الباب على الموضع كالنعت فمن ذلك قول الشاعر وهو رجل من مذحج (١) :
__________________
(١) هذا الشعر لضمرة بن ضمرة بن جابر بن قطن بن نهشل بن دارم شاعر جاهلي. ويقال : إن ضمرة كان اسمه شقة فسماه النعمان ضمرة بن ضمرة. وكان يبر أمه ويخدمها ، وكانت مع ذلك تؤثر أخا له يقال له جندب ، فقال هذا الشعر. هكذا رواه ابن هشام اللخمي في شرح أبيات الجمل. ورواه بعضهم : يا ضمر أخبرني وقال : إن قائله ضمرة. وهو خطأ. ونسبه أبو رياش لهمام بن مرة أخي جساس بن مرة قاتل كليب.
وزعم ابن الأعرابي : أنه قيل قبل الإسلام بخمسمائة سنة. وفي شرح أبيات سيبويه : أنه لبعض مذحج ؛ وقال السيرافي : هو لزراقة الباهلي. ـ وقال الآمدي في المؤتلف والمختلف : هو لهني بن أحمر ، من بني الحارث ابن مرة بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة ، جاهلي. وأنشدوا له : يا ضمر أخبرني.
وهني : مصغر هن ، وأصله هنيو فأبدلت الواو ياء وأدغمت في الياء لسبقها بالسكون.
ورواه أبو محمد الأعرابي عن أبي الندي : أنه لعمرو بن الغوث بن طيئ ، وأنشدوا له :
يا طي أخبرني ولست بكاذب
انظر خزانة الأدب ١ / ١٧٥.